12 سبتمبر 2025
تسجيلعادي.. لا يستحق الأمر أن يكون له رد فعل.. لكن لاشك أن مزاجك سيتأثر بالهوية التي سيمنحها لك.. فإذا ظن أنك من جزر تركس وكايكوس، سيكون شعورك مختلفا تماما عما إذا استفسر منك بأدب:..أنت إيطالي أم إسباني..؟! وإياك أن تغضب إذا ما ظن أنك من جزر تركس وكايكوس.. فهذه الجزر قد تكتسب أهمية في عالم كرة القدم هذا الأسبوع، إذا ما اختار الفيفا منها السيدة سونيا لتكون عضواً بلجنته التنفيذية، حيث يتنافس أربع سيدات للفوز بثلاثة مقاعد، وبالتالي فقد تشارك هذه الجزر التي لم أسمع بها في حياتي - وأغلب الظن أنك أيضاً كذلك- في قيادة العالم كروياً! لكن الشيء الذي قد يرضي غروري، أن يظنوا أنني من بلاد العيون الزرقاء والشعر الذهبي المجنون.. رغم أنه قد لا يكون للأمر علاقة بالوسامة، بقدر ما هو عمى أصاب من يرى! طبعا بالنسبة لي العبد لله، أنا مصري وابن مصري ولي الشرف.. رغم المهانة ورغم القرف... كما يقول عمنا أحمد فؤاد نجم.. ولأن موريشيوس جزيرة تأتي فيها السياحة في المركز الثاني من حيث ترتيب مصادر دخلها، فأول سؤال يطرحه الناس عليك تلقائياً: أنت.. من أين؟!.. وكما عندنا، ستجد عندهم أيضا "الفتك" و"الفهلوي" الذي يهوى التخمين.. وحتى الآن ظن ثلاثة أنني إسباني، بينما الرابع ربنا يحفظ له نظره، رأى أنني إيطالي! المهم عندما أرد: "لا.. أنا من مصر".. يسألونني بقدر من التعاطف: "أوووه.. هل هدأت الأمور عندكم أم ليس بعد..؟!". وفي الشهر الماضي بكوالالمبور، فاجأني كهل صيني يقترب كثيراً من التسعين إن لم يكن تجاوزها، بسؤال بعدما عرف أنني مصري: "..هاه.. كيف حال "مُرسي" معكم..؟!".. قبل ثورة يناير كان الناس في أي مكان بالعالم، عندما يعرفون أنك مصري يسألونك عن الأهرامات والنيل والأقصر والصراع العربي الإسرائيلي، وأحيانا يسألون عن ناصر أو عمر الشريف.. لكن بعد الثورة اختلف الوضع، فبعد شهور قليلة منها، تحول الفخر تدريجيا إلى مشاعر تعاطف، واتجهت الاستفسارات -حتى في موريشيوس- إلى حال ميدان التحرير، وحقيقة أوضاع المسيحيين! عندما كنت أقطع الجزيرة بالسيارة من مطار ماهيبورج في أقصى الجنوب إلى ضاحية جراند باي بأقصى الشمال، تحسرت على حالنا حين لاحظت انتشار رجال البوليس على الطرقات، لاحظ السائق فقال: الشرطة منتشرة بكثافة هذه الأيام، لأننا بدأنا هذا الأسبوع نظام النقاط السوداء المروري!.. وبينما أنا شارد الذهن مع نقاطهم السوداء، وحياة أم الدنيا اليوم الخالية من النقاط والألوان.. سألني السائق مثل غيره ممن تبعوه: "أنت.. من أين؟!".. أجبته بتنهيدة واضحة: "...من مصر". رد بلهفة: "يعني إسرائيلي.. مصر وإسرائيل واحد.. أليس كذلك؟!.".. قلت في نفسي: هي ناقصة.. زمان كانوا بيقولوا مصر والسودان حتة واحدة، ولم يكن يعجبنا.. كرر سؤاله بإلحاح.. فأجبته بحدة وبالعربية: "..أنتو عندكم عود القصب كام عقلة..؟!". ففتح فاه.. وصمت.!