07 نوفمبر 2025

تسجيل

ابتسامة رحلت

30 مايو 2012

تناولا افطار الصباح معاً وأخذ الاب يبادله المزاح في الطريق.. وصل معه الى باب الحضانة.. ودعه بقبلة.. لوح الطفل بيده لوالده وكانت نظرات الوداع متبادلة بين الطرفين.. ولكن في تلك اللحظة توقع الاب ان يكون هذا الفراق لساعات معدودة ياتي بعدها لياخذ ابنه ويعودا معا الى المنزل كما جرت العادة كل يوم.. ولكن الامر تغير في هذا اليوم.. لقد عاد الاب الى منزله ولكن.. دون ولده.. ورفيقه اليومي.. عاد ويحمل علامات الذهول والصدمة والحسرة والالم.. فتح باب منزله يبحث عنه غير مصدق انه لن يعود.. اخذ يناديه.. ولكن لم يسمع صوته.. وكرر النداء.. ولكن لا اجابة.. هنا بدأ يتاكد بانها الحقيقة المؤلمة والواقع المرير.. نعم رحل الونيس والرفيق فنظرات الوداع في صباح هذا اليوم والقبلة التي طبعها على خده كانت الاخيرة.. رحل الحبيب ولكن الاب لا يعرف كيف كانت صرخاته واستغاثاته وكيف استقبل صدره الصغير الانفاس السامة والحارقة التي اودت بحياته.. هذه حال جميع العوائل التي فقدت اطفالها امس الاول في حريق فيلاجيو الدامي.. هكذا كان واقع الأسر التي فقدت ابناءها ورجالها ونساءها في هذا الحادث المأساوي.. في لحظة تحولت الدوحة الى مدينة حزينة يلفها السواد من كل حدب وصوب فنظرات العيون شاردة ومذهولة وحائرة فالمحنة كبيرة والجلل عظيم والمنازل دامعة.. لم نفكر اذا كان المتوفى قطريا او خليجيا او عربيا او اجنبيا.. فالجنسية لا تعنينا نهائياً.. فالمصيبة اصابت اشقاء لنا واصدقاء يعملون ويعيشون بيننا.. فكرنا كيف تلقوا الخبر.. كيف كانت نظرتهم لفلذات اكبادهم ورجال الدفاع المدني يخرجونهم بين ألسنة اللهب والادخنة التي غطت مجمع فيلاجيو.. مشهد مأساوي بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.. منظر لا اعتقد اننا سننساه او سيغادر ذاكرتنا لسنوات قادمة.. فها هي الام التي تقفز من مكانها في حاجة لمن يطمئنها على فلذة كبدها.. وهذا اب يبكي ألماً وحرقة وهو لا يعرف مصير ابنه او ابنته.. هذا بخلاف ما سمعنا عنه ولم نشاهده في طوارئ حمد الذي تحول الى سرادق للعزاء والبكاء والصراخ من الاهالي على احبتهم الذين فارقوا الحياة.. ان هذه المأساة خلفت اسئلة كثيرة عن اجهزة السلامة في مجمع فيلاجيو وعن بوابات الطوارئ واجهزة الانذار وعن رخصة لحضانة الاطفال في مجمع تجاري وعن المواد التي استخدمت في بناء هذا المجمع.. بخلاف الاسئلة التي تشغل فكر المجتمع القطري عن اسباب هذا الحريق والعوامل التي ادت الى هذه الكارثة.. ولكن في غمرة حزننا وألمنا على ما اصاب اشقاءنا واصدقاءنا نفخر برجال الدفاع المدني ولخويا والفزعة وكل ادارات وزارة الداخلية ووزارة الصحة الذين بذلوا كل ما في وسعهم لانقاذ ما يمكن انقاذه واستشهد منهم (بطلان) فداءً للواجب ولمحاولة انقاذ الضحايا. ان محنة امس الاول اكدت على شيء واحد: ان القطريين والمقيمين على هذه الارض الطيبة الطاهرة يد متماسكة وصف واحد في اوقات المحنة والشدة يقفون مع بعضهم ويواسون ويشدون من ازر بعض وهذا ما شاهدناه في مقبرة مسيمير عند دفن شهداء الواجب وايضاً الوقفة التي شهدتها حديقة اسباير والتي جاءت تضامناً مع محنة اصدقائنا الذين فقدوا اطفالهم وذويهم يوم الاثنين الاسود. قبل النهاية.. رحم الله شهداء الواجب وضحايا فيلاجيو واسكنهم فسيح جناته وصبر ذويهم.. اللهم احفظ بلدنا من كل شر، ومن كل معتوه وحاقد.. واجعل قطر واحة للامن والامان والحب والسلام..