14 سبتمبر 2025

تسجيل

مجزرة عدالة عسكر الانقلاب

30 أبريل 2014

ما يحدث في مصر المحروسة من مهازل سياسية وقانونية منذ انقلاب الثالث من يوليو 2013 يشكل علامة فارقة وغير مسبوقة في التاريخ المصري الحديث، فبعد سويعات من اعتراض الهيئات الحقوقية الإنسانية الدولية وتدخل الاتحاد الإفريقي أيضا في مناقشة أحكام الإعدام الجاهزة التي شملت 529 مواطنا مصريا أغلبهم أبرياء بالكامل، عادت المحاكم المصرية لإنتاج المهازل من جديد بعد الحكم القراقوشي بإعدام 700 مواطن مصري آخرين يضافون للأرقام السابقة في كرنفال إعدام مصري لم يتحقق حتى في زمن أعتى الفراعنة والطغاة، وهي أرقام لم تتحقق حتى في زمن سطوة البكباشية ومحاكمهم الثورية الخاصة وسجونهم الحربية والمخابراتية والصحراوية. ما يقوم به بعض الطارئين على القضاء المصري الشامخ والمشوهين لسيرة وتاريخ العدالة المصرية، هو أمر مسخ قد تجاوز كل الحدود ودخل في سياق إشاعة الكراهية وتخريب السلم الأهلي وتشويه سمعة مصر وشعبها وتاريخها، فالجميع يعلم أن تنفيذ تلكم الأحكام ميدانيا ليس بالأمر اليسير وهو أمر دونه خرط القتاد، فلا أوضاع مصر الداخلية ولا طبيعة الظروف الإقليمية أو الدولية تسمح بتنفيذ مثل تلك المجزرة / المهزلة والتي تذكرنا نحن الذين نحب مصر وشعبها وتاريخها الحافل بمحاكم الفريق أحمد فؤاد الدجوي الذي ترأس المحكمة العسكرية المصرية الخاصة لعشرة أعوام عجاف منذ 1957 وحتى 1967 والذي حاكم وحكم على أشراف مصر وأحرارها بأقسى الأحكام، ليس عن قناعة قانونية محضة، بل طلبا وامتثالا لأوامر (الرياسة) وبشكل قراقوشي فظ، فالفريق الدجوي، وكان قائدا عسكريا فاشلا ومهزوما، سلم قطاع غزة للاحتلال الإسرائيلي في حرب 1956 وعاد لمصر ليكافأ بتعيينه رئيسا للمحكمة العسكرية العليا رغم عدم تخصصه ودراسته للقانون وبدأ محاكماته الهزلية بمحاكمة الوزراء السابقين محمد صلاح الدين (الخارجية) وعبد الفتاح حسن (الشؤون الاجتماعية)! ثم كان له دور مشهود في محاكمة الإخوان المسلمين عام 1965 وفي إعدام السيد قطب والحكم على الصحفي الشهير مصطفى أمين وغيرهم في أبشع مهزلة سنها حكم العسكر قبل هزيمة 1967 التي كشفتهم على حقيقتهم وحطمت كل أصنام العبودية والهزيمة والطغيان، محاكم اليوم استمرار لتلك السيرة السيئة من المحاكمات الظالمة رغم تغير الزمن والأفكار والتوجهات وحتى المزاج الدولي، عمليات القتل والاستئصال الشامل للشعوب والأفكار ليس لها أي حيز من التطبيق في عالم اليوم، وجرائم الماضي لا يمكن أن تتكرر أو تستنسخ بطرق عصرية انقلابية جديدة، فأحكام الإعدام الشاملة تلك تظهر ضعفا وبؤسا حقيقيا في مسيرة وتوجهات أهل الانقلاب، وتؤشر على كارثة حقيقية تعيشها مصر وشبابها وهم يتعرضون اليوم وأمام أنظار العالم الحر لأقسى محنة تجاوزت حدود المأساة بكثير.. الأمر المؤكد هو أن الباطل لا يمكن أن يتسيد، والظلم مرتعه وخيم، فانظروا أين عاقبة رموز القمع المصريين، كأحمد أنور وحمزة البسيوني وصلاح نصر وفؤاد الدجوي وصفوت الروبي وشلة مكتب المشير وعصابة (التنظيم الطليعي)! وغيرهم من الطغاة الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، لا تحزنوا يا شباب مصر الحرة العظيمة فمثل هذه الأحكام ليست سوى فضيحة متنقلة تدين الطغاة وتحيلهم لمستودع التاريخ، فدماء شباب مصر ليست ماء والمكر السيئ لا يحيق إلا بأهله.. ولن يفلح الطغاة والدجالون في كسر إرادة الأحرار.