16 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من بين الحكايات العديدة التي تصلني من القراء والأصدقاء، عبر البريد الالكتروني — ومؤخرا، واتساب — استوقفتني حكاية مجموعة من الضفادع حديثة الولادة، قررت تنظيم مسابقة للصعود الى عمارة متعددة الطبقات قفزا على جدارها الخارجي، وكما هو متوقع فقد تجمّع عدد كبير من المتفرجين حول الضفادع الصغيرة، وعلت صرخات التهكم: سيتهاوون جميعا من أول قفزة.. انظر الى تلك الضفدعة الهزيلة التي أعتقد انها لم تكمل سبعة اشهر في بطن أمها.. إنها لا تكاد تقوى على الوقوف فكيف تستطيع ان تقفر حتى لربع متر.. ضفادع عندها سوء تغذية.. شوفوا عضلات سُمكها مليمتر ما شاء الله..ثم صرخ منظم السباق مطالبا الجميع بالهدوء استعدادا لبدء السباق، ولكن ضحكات التهكم ارتفعت مجددا: بلا سباق بلا بطيخ.. رشوا هذه الضفادع التعيسة ببعض الماء كيلا تتشقق جلودها، أرسلوها إلى فرنسا ليغذُّوها جيدا ثم يصنعوا منها شوربة مقرفة. ولكن رغم صيحات الاستهجان، أُطلقت اشارة بدء السباق من مسدس، فسقط نصف الضفادع المتسابقة على أقفيتها، بمجرد سماع "بووووم"، وسارت البقية قفزا نحو العمارة، ومع أول قفزة الى أعلى تساقطت العشرات، وتعالت الضحكات والتعليقات الساخرة: ضعوا لها بعض الذباب عند حافة الطابق الأول كحافز!! لو وقفت مليون ضفدعة فوق بعضها البعض لما نجحت في الوصول الى أعلى العمارة!!ولكن بضع ضفادع واصلت القفز، وعند الطابق الثاني كانت جميع الضفادع، ما عدا واحدة، في غرف الإنعاش، او داخل سيارات الاسعاف. بعضها أصيب بكسور مركبة، وبعضها اصيب بشد عضلي، وبعضها أصيب بهستيريا واضطرابات نفسية. وبينما واصل الضفدع العنيد صعوده الى بقية طبقات العمارة، واصل المتفرجون الهتاف: انس الموضوع يا بطل... ارجع الى البالوعة يا روح أمك.. فاكر نفسك باتمان (الرجل الوطواط)، وللا سبايدر مان (الرجل العنكبوت)! احترم نفسك وشوف لك دور مع الضفدع كامل في "افتح يا سمسم".لكن الضفدع واصل الصعود بقفزات منتظمة، وإن كان الإعياء باديا عليه، وأطل بعض ذوي المروءة من سكان العمارة من نوافذ شققهم وصاحوا في الضفدع: ما فعلته يكفي فلا ترهق نفسك أكثر من هذا، وادخل عندنا نعطيك بعض الماء وحماماتنا بها صراصير تجنن وتهبل. كل ذلك والضفدع لا يحفل بالمتصايحين من باب الإشفاق او التهكم، ووسط دهشة الحضور الغفير، وصل الضفدع الى أعلى العمارة.. فاندفع الصحفيون نحوه يسألونه عن سر قوته وسر نجاحه في الصعود على جدران بناية شاهقة، بينما كائنات أقوى منه بنية بآلاف المرات، تعجز عن الصعود الى طابقها العلوي مشيا على السلم (الدرج)، لكن الضفدع لم يجب على اسئلة الصحفيين، وغادر البناية، فتحدثت وسائل الاعلام لعدة أيام عن الضفدع الذي حقق إنجازا بـ "أساليب ملتوية"، بدليل أنه رفض أن يتحدث عن الكيفية التي نجح بها في صعود العمارة قفزا، وهناك من اتهمه بالغرور.ما لم يكن يعرفه جمهور المتفرجين والصحفيين، هو أن الضفدع الفائز كان "أطرش".. لا يسمع!! وإذا أردت ان تنجح فكن مثله، لكن لا تكن غبيا وتثقب أذنك بآلة حادة حتى تفقد القدرة على السمع، بل "طنش" الكلام المحبط الذي تسمعه كلما عزمت على أمر، فهناك من يقول لك "وقد يكون أبوك أو أمك" إنك لست من أهل التعليم الجامعي، او لا تملك القدرة على الدخول في مشروع تجاري. وقد تلجأ إلى من تحسبهم كتابا كبارا لتعرض عليهم إنتاجك فيقولون لك "دع الكتابة لأهلها وأحسن لك تفتح محل شاورما"! وهناك من قد ينصحك بعدم التفكير في الزواج تفاديا لوجع الرأس والقلب!ولكن "إذا كنت ذا رأيٍ فكن ذا عزيمةٍ .. فإن فساد الرأي ان تترددا".