14 سبتمبر 2025
تسجيل* كان قيس بن ذريح متزوجاً من امرأة اسمها لُبنى وكان يحبها حباً جماً لدرجة أنها شغلته عن أُمِّه، فاستنكرت والدته ذلك.. وصادف أن مرض قيس مرضاً شديداً، فاتخذت والدته من ذلك حجة لها، فنصحته بأن يتزوج غيرها لأنها لم تنجب له ولداً، وخشيت أم قيس أن يموت بدون خلف.. ولكن قيس رفض هذا الرأي من والدته ووالده فترة، ثم نزل على رغبتهما وطَلَّق زوجته لُبنى على كره منه.. وطلاقه لبنى أَلحق به شيئاً مثل الجنون، وحاول أن يتصل بها بعد الطلاق فمنعه قومها، وذات يوم جاءته امرأة من قومه وأخبرته أن لبنى سوف ترحل عن الديار مع قومها الليلة أو غداً، فسقط مغشياً عليه، ثم أفاق وقال:وإنِّي لمَغنٍ دَمعَ عَيْنَيَّ بالبكاحِذارَ الذي قد كانَ أَوْ هو كائنُوقالوا غَداً أَو بعد ذاكَ بليلةٍفِراقُ حبيبٍ لم يَبِنْ وهو بائنُوما كنتُ أَخشى أَن تكونَ مَنيَّتيبِكَفَّيكِ إلاَّ أَنَّ ما حانَ حائنُ* ثم قال بعد ذلك:يقولونَ لُبنى فتنةٌ كُنتَ قَبْلَهابخيرٍ فلا تَنْدمْ عليها وطَلِّقِفطاوعتُ أَعدائي وعاصيتُ ناصِحيوأَقررتُ عينَ الشامِتِ المُتَمَلِّقِوَدِدْتُ وبيتِ اللهِ أَنَّي عَصَيتُهموَحُمِّلْتُ في رضوانها كُلَّ مَوْثِقِوكنتُ أَغوص البَحرَ والبحرُ زاخِرٌأَبِيتُ على أَثباجِ مَوجٍ مُغَرِّقِكَأَنِّي أَرَى الناسَ الُمحبِّينَ بَعْدَهاعُصَارَةَ ماءِ الحَنْظَلِ المُتَفَلِّقِفَتُنْكرُ عَيني بَعدَها كُلَّ مَنْظَرٍوَيَكرهُ سَمعي بَعدَها كُلَّ مَنْطِقِ* فلما ارتحل قومها من الديار ومعهم لُبنى، وقف ينظر إليهم ويبكي حتى غابوا عن عينه، فعاد راجعاً ونظر إلى أثر خف بعيرها، فأكب عليه يُقَبِّله، ثم رجع يقبِّل موضع مجلسها وأثر قدمها، فلامه قومه على ذلك فقال:وما أَحببتُ أَرْضَكم ولكنأُقّبِّلُ أثرَ مَن وَطِيءَ التُّرابالقد لاقَيتُ من كَلَفي بلُبنىبَلاءً ما أُسيغُ لَهُ شَراباإذا نادَى المُنادي باسمِ لُبنىعَيِيتُ فما أُطيقُ لَهُ جَوَاباوسلامتكم...