15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تخيم حيرة شديدة في الأردن بعد أن تناهى إلى مسامع الأردنيين أنباء عن احتمال عقد صفقة مع تنظيم داعش لتأمين إطلاق سراح الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي وقع في الأسر عندما سقطت طائرته التي كان يقودها أثناء قيامه بمهمة عسكرية في إطار هجمات قوات التحالف الدولي على مواقع تابعة لداعش في سوريا. وحتى كتابة هذه السطور لم يُطلق تنظيم داعش سراح الطيار الأردني، حادثة الأسر دفعت بموضوع مشاركة الأردن في قوات التحالف إلى واجهة النقاش الوطني المستعر وبرز فريقان لكل منهما حججه: أحدهما يقول إنها حربنا والآخر يقول بأنها ليست حربنا.غير أن القضية الأبرز هي قضية الطيار نفسه، فالأردنيون متوحدون خلف مطالب عائلة الكساسبة بأن يبذل الأردن ما في وسعه من أجل تأمين عودة الطيار إلى أهله سالما حتى لو استلزم ذلك إطلاق سراح ساجدة الريشاوي، والأخيرة هي عراقية محكوم عليها بالإعدام بسبب مشاركتها في تنفيذ تفجيرات عمان في نوفمبر ٢٠٠٥ التي أودت بحياة أكثر من ستين أردني مدني. والراهن أن الدولة الأردنية بأعلى مستوى لها تبذل كل جهد ممكن لتأمين صفقة مع تنظيم داعش.ومن جانب آخر، هناك أصوات خجولة تبرز بين الفينة والأخرى ترى بأن على الأردن ألا يخضع لابتزاز ومطالب التنظيم الإرهابي مهما كان الثمن، فالجندي الذي يلتحق بالعسكرية يعرف هو وأهله بأنه قد يأتي يوم يحتاجه وطنه ويدفع فيه الجندي حياته فداءً لبلده، فالرضوخ لمطالب تنظيم داعش يمكن أن تشجع التنظيم على أسر أردنيين آخرين للحصول على المزيد من التنازلات الأردنية. غير أن هذه الأصوات تبقى ضعيفة أمام التيار المجتمعي الأقوى الذي يرى بإبرام صفقة مع داعش من مصلحة الأردن لأنه يؤمن بها حياة مواطن أردني هي بالنسبة للأردنيين أهم من الإبقاء على ساجدة الريشاوي في السجون الأردنية.خلال الأيام القليلة الفائتة هدد تنظيم داعش بإعدام الطيار الأردني إن رفض الأردن إطلاق سراح ساجدة الريشاوي مقابل إطلاق سراح الرهينة الياباني، ولم يتبيّن بعد إن كان إطلاق سراح الطيار الأردني من ضمن الصفقة المقترحة، ولم تكتف داعش بذلك بل أمهلت الحكومة الأردنية أربعا وعشرين ساعة وإلا ستقوم بإعدام الطيار الأردني. مرّت الساعات الأربع والعشرون ولم يطلق فيها الأردن ساجدة الريشاوي ولم ينفذ تنظيم داعش تهديداته. والراهن أن مفاوضات ما تجري بشكل غير مباشر لتأمين إتمام الصفقة ولا يملك المراقبون أي تفاصيل عنها حتى هذه اللحظة.من جانبها عبرت الحكومة اليابانية عن أملها بأن يسارع الأردن في إطلاق سراح الريشاوي حتى يضمن عودة الرهينة الياباني، ولكن لا يمكن للأردن التفريط بورقة الريشاوي هكذا فقط لإرضاء الحكومة اليابانية إن لم يكن ذلك في سياق عودة الطيار الأردني سالما. ومن دون أدنى شك حاول تنظيم داعش خلط الأوراق عندما ربط بين الريشاوي والرهينة اليابانية حتى يحرج الدولة الأردنية، فإن استجابت الحكومة الأردنية لمطالب الحكومة اليابانية عندها سيثور الرأي العام الأردني على حكومته محملا إياها مسؤولية التفريط في ورقة الريشاوي دون ضمان عودة الكساسبة، وإن رفض الأردن مطالب الحكومة اليابانية عندها على الأردن أن يعيد حساباته مع دولة بحجم اليابان تعد شريكا للأردن وتقدم مساعدات بملايين الدولارات سنويا. وبهذا المعنى فإن عرض داعش ينطوي على الكثير من التلاعب بالأردن ويعرضه للإحراج الداخلي والخارجي.اللافت أن تنظيم داعش حقق إنجازا دعائيا عندما تمكن من إحراج الحكومة الأردنية التي بدت وكأنها تتخبط في إدارة ملف الطيار الأسير وفي الوقت ذاته سببت إرباكا مجتمعيا في الأردن، فالأردنيون وإن كانوا متوحدين خلف هدف تأمين إطلاق سراح الطيار الأسير إلا أن هناك قوى سياسية تريد أن تستثمر القضية لإحراج الحكومة ولربما تحقيق مكاسب سياسية وشعبوية، فبتنا نسمع بعض الآراء المعارضة التي تحمل الحكومة الأردنية مسؤولية ما قد تؤول إليه الأمور في وقت أخفقت هذه القوى في تقديم طروحات ومواقف بديلة يمكن أن تساهم في تأمين عودة الطيار الأسير.لم يتضح بعد أن كانت داعش جادة في عرضها أم أنها تهدف فقط لتحقيق مكاسب دعائية في ظل تراجعها في كوباني، ولم يعرف الأردنيون بعد عن سبب قيام داعش بالربط بين الريشاوي والرهينة الياباني! فلماذا التعقيد، يتساءل الكثيرون هنا في عمان. فالقضية أبسط من ذلك بكثير: أسير أردني مقابل الريشاوي!في النهاية، يمكن تفهم الترقب والغضب الشعبي وبخاصة في ظل شح المعلومات المتوفرة وسواد حالة من التكهنات المختلفة بشأن جدية التنظيم في عرضه وبشأن مصير الطيار الأسير، غير أن هناك حاجة ماسة لأن تتماسك الجبهة الداخلية في خضم هذه الحالة العصيبة التي لم تواجه الأردن لأول مرة إذ سبق أن مرّ الأردن بظروف أصعب من ذلك بكثير، وفقا لرأي الكثير من النخب الأردنية.