12 سبتمبر 2025

تسجيل

مصر في القفص الزجاحي

30 يناير 2014

يبرز عرض الرئيس المصري الشرعي محمد مرسي داخل قفص زجاجي يغلف زنزانة حديدية في محكمة انقلابية حالة أرض الكنانة هذه الأيام، فالجنرالات الانقلابيون يضعون مصر كلها داخل قفص من الحديد والنار وليس من الزجاج فقط، مما يكشف انزلاق مصر إلى مرحلة جديدة من الدكتاتورية الدموية وعودة العسكر إلى السلطة التي لم يخرجوا منها ظاهريا إلا عاما واحدا.الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي بدا متحديا وصلبا وقويا وهو يطالب رئيس المحكمة الانقلابية بأن يعرِّف نفسه ويؤنبه على ترؤسه محكمة زور وبهتان ضد الشرعية الشعبية وإرادة المصريين، ويؤكد أنه الرئيس الشرعي المنتخب، وهو ما زال رئيس جمهورية مصر العربية، وهو ما يرعب الانقلابيين وقضاتهم ومحاكمهم الانقلابية، ويجعل من هذه المحاكم "أضحوكة بين الأمم" ويهوي بمفهوم سيادة القضاء إلى الحضيض، وجعلهم يبحثون عن وسيلة تخمد صوت الرئيس الشرعي وتحجب رأيه ورؤيته وحجته عن الناس فقادتهم عقولهم المريضة إلى وضع فكرة وضع الرئيس في "قفص من زجاج"، وهو مشهد أعادني إلى رواية للكاتب البريطاني الشهير كولن ويلسون عنوانها القفص الزجاجي ويتساءل فيها: هل يستطيع المجرم أن يبني جسده من أشلاء العالم الذي يمزقه؟ وإذا أعدنا صياغة السؤال ليتناسب مع الواقع المصري ليصبح: هل يستطيع السيسي أن يبني مجدا على أشلاء مصر؟ وهل يستطيع أن يجلس على عرش وطن يمزقه ويضع أشلاءه في قفص من الحديد والنار والزجاج والخوف؟. هذا السيسي أو الكائن الأسطوري ليس أكثر من "اله خائف" ولو كان يؤمن أنه "معبود الجماهير" فعلا كما يدعي إعلامه، لما وضع الرئيس الشرعي في "قفص من الحديد والزجاج" في محاولة لإسكاته، ولتركه يتكلم بحرية، فلماذا يخاف السيسي وانقلابيوه من صوت الدكتور مرسي؟ ألا يزعمون أن 40 مليون مصري يؤيدونهم؟ ومادام معهم كل هؤلاء الملايين فلماذا يخافون من "الصوت والكلام"؟ ولماذا يحجبون المحاكمة عن وسائل الإعلام ومحطات التليفزيون؟ لسبب بسيط جدا ذلك أنهم يعلمون أنهم يزيفون الحقائق ويفترون على الناس لأنهم اغتصبوا السلطة وانقلبوا على الشعب المصري وعلى إرادته وحريته.إنهم لم يضعوا الرئيس مرسي في "قفص زجاحي" بل وضعوا الشعب المصري كله في هذا القفص المجلل بالعار، وهو يكشف عن ضعفهم وارتباكهم وحيرتهم وتخبطهم وهم يقودون مصر إلى الخراب والدمار والفقر.كنت أنظر إلى المشاهد التي أفرج عنها الانقلابيون من محاكمة الرئيس الشرعي، وأنظر إلى الدكتور مرسي وهو يتجول فيها مثل الأسد الهصور، لم أكن أرى إلا أسدا يريد أن يفتك بالقفص وقضبان الحديد، ويفتك بقضاة الزور والبهتان، ومن المفارقات أنه بينما تقبع الشرعية في القفص فإن رجال مبارك الفاسدين عادوا ليتصدروا الواجهة من جديد كما قالت جريدة الواشنطن بوست "الإخوانية طبعا!!" وتنقل عن أحدهم قوله إن "مصر أصبحت الآن في أيدٍ أمينة" هذا التحالف الشيطاني من العسكر والفلول ينتقم من ثورة يناير ومن كل ما أفرزته ثورة المصريين، ويعملون على إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل 25 يناير 2011، وهم يصفون الحسابات مع الشعب المصري الذي صوت لصالح الحرية والكرامة والعدالة، تماما مثلما انتقمت إسرائيل والسلطة والأنظمة العربية الفاسدة من الشعب الفلسطيني لأنه انتخب حماس ومازال يدفع الثمن منذ 7 أعوام.المشكلة التي لا يريد أن يفهمها السيسي أن عصر وضع الشعوب في "قفص" قد ولى إلى غير رجعة، وأن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، وأن الشعب الذي يتظاهر منذ 7 شهور يوميا قد اجترح "معجزة" في رفض الانقلاب، وأن هذا الشعب لن يعود إلى بيته دون دحر الانقلاب مهما طال الزمن.. والشعب المعجزة الذي يتظاهر يوميا رغم الرصاص والقتل والدماء ضد الانقلاب الغاشم سيسقط الانقلاب وسيحاكم الانقلابيين ولن ينفع معه أي قفص من زجاج أو حديد أو حتى من رصاص.