15 سبتمبر 2025
تسجيلالصراع الداخلي في أي مجتمع يدمّر قواه الإنسانية ويستفرغ طاقته الأخلاقية فتنهار تبعا لذلك الدولة والوطن الذي يعيش فيه الجميع، وحين يكون العنف هو اللغة الوحيدة المتاحة دون حوار ومساحات من التسامح يزداد الوضع سوءا ويخرج عن السيطرة ويبعد عن الاستقرار، وذلك حدث على مدار التاريخ لكثير من الدول والإمبراطوريات التي تآكلت بعد أن نخرها الصراع، سواء كان طبقيا أو إثنيا أو مذهبيا وطائفيا.الحالة المصرية الراهنة غير مستقرة ولا يتوقع أن تستقر وإن حسمت الرئاسة والبرلمان، فليس متصورا أن تنجح دولة تقمع طيفا واسعا من قواعدها الشعبية، ذلك سلوك غير مناسب لممارسة العملية السياسية، في ظل تمايز الخطاب الاجتماعي وحالة الاستقطاب المجتمعي العميقة التي برزت عقب الثورة ثم الثورة المضادة.ولا يمكن بطبيعة الحال التسليم بأن ما يحدث هو مقاومة للإرهاب، لأن الأمر لم يصل هذا الحد، وهو توصيف شاطح ومبالغ فيه، لأن ما يحدث هو عنف من إنتاج السلطة وأجهزتها الأمنية التي استعادت بطشها وقمعها للمجتمع بمبررات تراها منطقية لحسم الوضع لصالح استقرار الدولة، ولكن الأمر أكبر منذ لك بعد وصل الأمر إلى الأجهزة والمؤسسات الحقوقية الدولية، بمعنى أن هدير العنف ومناظر الدم والقتل وصلت إلى العالم، وليس الأمر مجرد وضع استثنائي عابر يتعلق بثبات وهيبة الدولة من فئة إجرامية.مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي أعربت عن قلقها البالغ من تصاعد العنف في مصر خلال الأيام القليلة الماضية، مما أدى إلى مقتل وجرح عشرات الأشخاص. ودعت إلى إجراء تحقيق فوري في الحوادث التي أدت إلى خسائر مؤسفة في الأرواح، وقالت في بيان لها "أدعو جميع الأطراف إلى نبذ استخدام العنف. ويجب على قوات الأمن احترام الحق في الاحتجاج السلمي وعلى السلطات المصرية التقيد بالتزاماتها الدولية حتى يتمكن جميع المصريين من ممارسة حقوقهم في حرية التجمع وحرية التعبير دون خوف من العنف أو الاعتقال، كما يجب على المتظاهرين الحفاظ على سلمية احتجاجاتهم".وذلك خطاب من الوضوح بما يؤكد حقيقة العنف وإهدار حقوق المجتمع في التعبير وممارسة حقوقه السياسية والديمقراطية، ولذلك فنحن أمام حالة غير صحيحة من المنظور الإنساني والحقوقي والسياسي، ولن يحل الإشكال استعجال انتخاب رئيس مهيأ سلفا لمزيد من البطش والاستبداد، وإنما حوار جامع للوصول إلى وضع توافقي يحترم دور وحضور جميع الأطراف في العملية السياسية.