13 سبتمبر 2025
تسجيللا أحد يستطيع أن ينكر أن الإخوان المسلمين شكلوا "رقما صعبا" في واقعنا الإسلامي، وهو رقم كان دائما عرضة للاستهداف من قبل النظم الحاكمة في مصر وغيرها من البلدان، رغم محاولة الإخوان المسلمين الإمساك بالعصى من الوسط، وعدم الدخول مع أي سلطة، إلا أن التوسع الكبير لجماعة الإخوان المسلمين دب الرعب في قلوب النظام الحاكم في مصر، وفي قلوب القوى اليسارية واليمنية الليبرالية والقومية، فشكلوا حلفا دائما ضد الإخوان المسلمين، ووصل الأمر إلى درجة تحالف القوميين واليساريين والليبراليين مع العسكر ضد الإخوان المسلمين، وقد فضحت ثورة يناير هذا الحلف على رؤوس الأشهاد.لقد كان مشهدا لا منطقيا أن نجد ما يسمى "القوى اليسارية" التي كانت دائما تصدع رؤوس الناس بدعوات الدفاع عن الكادحين والقوى العاملة والطبقة البروليتارية، فإذا بها سافرة على صعيد واحد مع الانقلابيين والعسكر والجنرالات والدولة العميقة الفاسدة، ورجال الأعمال "البرجوازيين".أما ما يسمى القوى اليمنية الليبرالية فهي لم تكن يوما إلا "مخلب قط" للقوى الاستعمارية الغربية، وأدوات ثقافية استعمارية معادية للإسلام والحركات الإسلامية، وهي التي كانت ولا تزال كثير مما يسمى "منظمات المجتمع المدني" والمنظمات الحقوقية، التي تحالفت بدورها مع العسكر والجنرالات وكانت راعيا ومحرضا للانقضاض على الديمقراطية التي تتبنها نظريا.أما القوى القومية، خاصة "الناصرية"، فكانت معادية للإخوان المسلمين إلى درجة أنها كانت مستعدة للتحالف مع الشيطان ضدهم، وقد حدث ذلك بالطبع وتحالفوا مع الشيطان الانقلابي، بالطبع لا يمكن أن نغفل أن هناك بعض الشرفاء من كل هذه التيارات، لكنها كانت حالات فردية ولم تشكل تيارا فاعلا، وخرجت أو أخرجت من التيار الرئيسي لهذه القوى، وتم إقصاؤها وإبعادها عن المشهد أو تهجيرها في أصقاع الدنيا.هذه الوقائع وضعت الإخوان في مواجهة الجنرالات الانقلابيين والعسكر المعبئين ضد التيار الإسلامي، إلى جانب القوى اليسارية والقومية والليبرالية ورجال الأعمال الفاسدين وإعلام التزييف والتدليس والإعلاميين فاقدي الضمير والقضاء الفاسد والطبقة البيروقراطية المرتشية، باختصار وجد الإخوان أنفسهم أمام الدولة العميقة وأدواتها التي يساندها حالة من التخلف والجهل وغياب الوعي في المجتمع.ورغم ذلك تمكن الإخوان من الحصول على الثقة الشعبية في كل الانتخابات التي خاضوها، لكنهم رغم ذلك كانوا الطرف الأضعف في المعادلة السياسية رغم فوزهم بمنصب الرئيس، وتسلم الدكتور محمد مرسي مقاليد الرئاسة، لكنه للأسف لم يتعامل مع استحقاقات المرحلة الثورية كما يجب، وحاول أن يكون "استرضائيا" مع كل القوى الأخرى في الوقت الذي كان يجب عليه أن يكون ثوريا، فالثورة لها استحقاقات تختلف عن استحقاقات الحالة السلمية والصفقات السياسية في البلاد التي استقرت فيها الديمقراطية، وهنا بدأت رحلة الانتحار السياسي للإخوان المسلمين.