11 سبتمبر 2025

تسجيل

بعض الندم يُشفي وآخر يُسقم!

29 أكتوبر 2018

هل وقفت ذات مرة أمام المرآة وصارحت نفسك عن أكثر ما ندمت عليه في حياتك؟ أنك تكلمت حينما كان يجب عليك أن تصمت، أنك توقفت حينما كان عليك الاستمرار في المحاولة مراراً وتكراراً. أنك ندمت على عدم المضي في تعليمك الجامعي وفوق الجامعي وعدم الاعتناء بصحتك، أنك عبرت عن مشاعرك بشجاعة لفتاة أم أنك لم تستطع البوح بحبك لها؟ أأنت نادم مثلا على المرات التي فيها قلت «نعم» وفي داخلك كنت تقول «لا»؟ أم أنك نادم لسبب آخر تماما. هل لازلت تراقب عقارب الساعة وتقول في نفسك وتتمنى أن لو تعود إلى تلك اللحظات، لكان قرارك (بل مصيرك) مختلفاً؟ الشيء الجيد أنك لست وحدك في هذا العالم من قد ندم على فعل شيء ما في حياته، 90% من البشر لديهم ما يندمون عليه. تشير الأبحاث العلمية إلى أن النساء تندم بنسبة 44%، بينما يندم الرجال بنسبة 19% فقط. فالندم يمر أولاً بالإنكار. و تعتبر هذه المرحلة قصيرة نسبيا. هنا نتأقلم مع مشاعرنا ونقبل حقيقة الخسارة والوضع الجديد. ثانيا تحدث الحيرة والارتباك حيال ما يحصل ونطرح الأسئلة. مثلاً: كيف صدقت هذا الموضوع؟ أو كيف صرفت هذا المبلغ على هذا الشيء؟ أو كيف اتخذت هذا القرار؟ يأتي ثالثاُ الشعور بالاستياء وتأنيب الضمير وجلد الذات، وتكون بعدم تعاطفنا مع هذا الخطأ. لاحقا تكون مرحلة التبرير. كأن تقول لنفسك: كنت فعلا محتاجا لهذا المبلغ واضطررت لأبيع البيت. أو تقول (هنا للفتيات) كم ضحيت من أجله! ولكن للأسف «طلع ما بيستاهل». من أكثر الكتب التي تعلمت منها وأكثرها صدقاً في هذا المجال هو كتاب للمؤلفة بروني وير، ممرضة أسترالية قضت العديد من سنوات حياتها تعتني بالمرضى، وتحديدا من هم على فراش الموت ويودعون الحياة ببطء. سألتهم عن أكثر الأشياء التي ندموا على فعلها أو عدم فعلها في سن الشباب ومن ثم كتبتها في مقال يحتوي على 5 نقاط رئيسية قرأه الملايين وترجم إلى 29 لغة وحول لاحقاً إلى كتاب بعنوان «أكثر 5 أشياء نندم عليها على فراش الموت»، وكانت الإجابات كالآتي: أولا- تمنيت لو كانت لدي الشجاعة أن أعيش لنفسي ولا أعيش الحياة التي يتوقعها أو يريدها مني الآخرون. ثانيا- تمنيت لو خصصت وقتا أطول لعائلتي وأصدقائي. ثالثا- تمنيت لو كان لدي الشجاعة لأعبر فيها عن مشاعري بكل صدق و صراحة ووضوح. رابعا- تمنيت لو بقيت على اتصال مع أصدقائي القدامى قبل أن أسمع بوفاتهم فجأة. أخيرا- تمنيت لو أنني أدركت المعنى الحقيقي للسعادة. في النهاية، أعتقد أنني أختلف كثيرا مع كوكب الشرق أم كلثوم عندما تغني: تفيد ب إيه يا ندم وتعمل إيه ياعتاب. فلولاه لما شعرنا بخطئنا، ولما تعلمنا من الدروس. الندم هو المفتاح لمواجهة الألم والقادر على صنع التغيير. فكيف لك أن تغير واقعك وأنت تهرب منه؟ صحيح أنك قد أدركت بعد فوات الأوان، ولكن الأهم هنا أن لا تستسلم لهذا الشعور وتبقى تذكر نفسك به طوال عمرك. فالندم الحقيقي هو أن تتعلم، لا أن تظل جاهلاً، أن تنجو، لا أن تغرق!