13 سبتمبر 2025
تسجيلإذا ما صحت الأنباء الواردة من الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي والخاصة بالتوصل إلى تطبيق التأشيرة الخليجية الموحدة "شنجن خليجية" اعتبارا من منتصف العام القادم 2014، فإن قطاع السياحة الخليجي تنتظره قفزة نوعية سيكون لها انعكاسات إيجابية كبيرة على نمو هذا القطاع بشكل خاص وعلى الاقتصادات الخليجية بشكل عام. لقد أصبح قطاع السياحة والنقل مكونا أساسيا من مكونات الاقتصادات الخليجية ومساهما مهما في ناتجها المحلي، فخلال عقدين من الزمن تحولت دول المجلس إلى مقاصد سياحية عالمية تتميز بالخدمات الراقية والتسهيلات والأسعار التنافسية، وذلك بفضل الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية للسياحة، وبالأخص في دولة الإمارات وقطر وعمان، وذلك إضافة إلى عمليات الترويج السياحي والاستقرار والأمن الذي يسود دول المجلس. وتشير بيانات مجلس السياحة العالمي إلى أن دولة الإمارات وحدها استحوذت العام الحالي على 42.5% من إجمالي إنفاق السياح في الشرق الأوسط، أما إذا ما أضيفت بقية دول المجلس، فإن هذه النسبة ستتجاوز 70%، كما جاءت مدينتا أبوظبي ودبي ضمن قائمة أكبر 100 وجهة عالمية لسياحة المؤتمرات وفق تصنيف الاتحاد الدولي للمؤتمرات والاجتماعات. ولكن ما هي أهمية "الشنجن" الخليجية وما يمكن أن تحدثه من تغيرات في خارطة السفر والسياحة الخليجية؟ يبدو أنه في حالة الأخذ بهذه التأشيرة الجماعية، فإن الانعكاسات ستكون مهمة ومتعددة وستشمل نتائجها الإيجابية كافة دول المجلس، خصوصا وأن هناك تنوعا في المقاصد السياحية في هذه البلدان، فإلى جانب سياحة المؤتمرات والسياحة الترفيهية والعائلة، هناك زيارات الأماكن المقدسة والتي تستقطب زوارا من معظم بلدان العالم. وفي حالة تطبيق "الشنجن" الخليجية، فإن ملايين السياح سوف لن تقتصر زياراتهم على بلد واحد، كما هو الحال في الوقت الراهن، وإنما ستمتد هذه الزيارات إلى أكثر من بلد خليجي، مما سينعش قطاع النقل، وبالأخص النقل الجوي وقطاع الخدمات المرتبطة بالسياحة، تلك القطاعات التي تكتسي المزيد من الأهمية في الاقتصادات الحديثة. وإذا ما افترضنا قيام أحد الزوار بحضور أحد المؤتمرات أو المعارض في بلد خليجي، فإن زيارة الأماكن الترفيهية والعائلية ستكون أحد الاهتمامات التي يضعها السياح في نطاق برامجهم، أما الملايين القادمة سنويا للحج والعمرة للأماكن المقدسة في السعودية، وبالأخص من البلدان البعيدة، فإن "الشنجن" الخليجية توفر لهم فرصة نادرة لزيارة بلد آخر من بلدان الخليج، سواء للتسوق أو لزيارة أقرباء لهم، حيث يعمل في دول المجلس الست أكثر من 20 مليون عامل أجنبي، والعكس صحيح، إذ يمكن للسياح من البلدان الخليجية الخمسة الأخرى زيارة الأماكن المقدسة أثناء إنجاز أعمالهم أو حضور البرامج والنشاطات المتعددة التي تحفل بها دول المجلس على مدار العام، حيث يمكن تلمس عملية تنقل مشابهة حاليا من خلال "الشنجن" الأوروبية التي أحدثت فارقا مهما في السياحة بين البلدان الأوروبية. وفي هذه الحالة، فإن إنفاق السياح سوف يرتفع بصورة ملحوظة، كما أن مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي سوف ترتفع ليشكل أحد أهم القطاعات غير النفطية التي يمكنها المساهمة في تنويع مصادر الدخل وتوفير الوظائف، مما يعني أن هذا القطاع يمكن أن يشكل محركا أساسيا للنمو. ونظرا للمناسبات العالمية الكبرى التي يتوقع أن تستضيفها دول المجلس، كاستضافة دبي لاكسبو 2020 والدوحة لمونديال 2022، إضافة إلى استضافة أبو ظبي والمنامة السنوي للفورمولا1 فإن تطبيق "الشنجن" الخليجية سيؤدي إلى تطور المنشآت والمرافق العامة في كافة دول المجلس، خصوصا إذا ما ترافق ذلك مع تطوير متزامن للبنية التحتية المساعدة، كمرافق الخدمات على الطرق الخارجية وإقامة طرق تختصر المسافات، كجسر البحرين – قطر والذي سيربط في الوقت نفسه الإمارات وعمان بالبحرين والكويت واستكمال القطار الخليجي بحلول عام 2017، مما يعني تكامل قطاع السياحة والنقل ضمن السوق الخليجية المشتركة.