12 سبتمبر 2025
تسجيلما زالت الأحداث في بعض البلدان العربية غير المستقرة تشكل هدرا واستنزافا اقتصاديا لا سابق له في المنطقة، فالأوضاع الاقتصادية تسير نحو المزيد من التدهور وتتقلص باستمرار معدلات النمو وفرص العمل وتتسارع عملية هروب رؤوس الأموال والمستثمرين والمؤسسات التجارية، حيث تجاوزت الخسائر حاجز التريليون دولار حتى الآن.يبدو أن الاقتصاد أصبح محور التجاذبات السياسية من خلال عمليات التخريب الاقتصادي التي تنتهجها المعارضة في هذه البلدان، علما بأن مثل هذه العمليات تطال كافة أفراد المجتمع، وبالأخص الأغلبية الصامتة التي لا حول لها ولا قوة.يتم انتهاج أسلوب التخريب الاقتصادي في كافة البلدان التي شهدت الأحداث منذ أكثر من ثلاث سنوات، وبالأخص بعد أن فقدت الحكومات المركزية قوتها، كما هو الحال في العراق وسوريا ولبنان واليمن أو تلك التي توالى فيها تغيير الأنظمة، كمصر وتونس وليبيا، حيث تنتهج المعارضة في الوقت الحاضر أسلوب الترهيب للمستثمرين ورؤوس الأموال، بل حتى في البحرين ذات الاقتصاد الصغير تعتمد المعارضة أساسا على نهج التخريب الاقتصادي، علما بأن هذا النهج محكوم عليه بالفشل مسبقا في البحرين، وذلك بفضل سلامة قطاع النفط المتركز أساسا في حقل أبو سعفة البحري المشترك مع السعودية.وثانيا، فإن فشل المعارضة يأتي بسبب صغر حجم الاقتصاد البحريني والذي يمكن تلافي تضرر بعض قطاعاته، كالخدمات من خلال المساعدات الخليجية، في الوقت الذي تسبب ذلك في تقلص فرص العمل، إلا أن ذلك طال مؤيدي المعارضة، كما طال المواطنين العاديين، أي أن المنظمات المعارضة بانتهاجها أسلوب التخريب الاقتصادي أدمت عيون مؤيديها قبل أي شخص آخر.لهذه الأسباب تعافى الاقتصاد البحريني بصورة سريعة، متجاوزا عمليات التخريب الاقتصادي، وهو يحقق الآن معدلات نمو مرتفعة لا تقل عن معدلات نمو اقتصادات أشقائه الخليجيين الآخرين، وهو ما يؤكد الاستنتاج الذي أشرنا إليه آنفا، وهو أن عملية التخريب الاقتصادي في البحرين لن يكتب لها النجاح لعدم توفر الظروف الموضوعية للتدهور الاقتصادي الذي تطمح المعارضة لتحقيقه، مما يتطلب وقف هذا النهج والعودة لانتهاج أسلوب الحوار العقلاني والمفيد للمواطنين وللتنمية.أما في بقية البلدان العربية، فإن لنهج التخريب الاقتصادي عواقب مؤثرة جدا على اعتبار أنها اقتصادات كبيرة نسبيا وتعتمد على قطاعات حساسة، كالسياحة والنقل والخدمات، إذ بمجرد القيام بعمل إرهابي في منشأة سياحية، فإن أضرارا كبيرة ستلحق بهذا القطاع لفترة طويلة وستتسبب في خسائر، وبالأخص لصغار المستثمرين، كما أنها ستؤدي إلى رفع معدلات البطالة، خصوصا وأن قطاعي السياحة والخدمات يعتبران من القطاعات كثيفة الاستخدام للأيدي العاملة، مما يعني أن فئات واسعة في المجتمع لا ذنب لها ستعاني وستتدهور مستوياتها المعيشية. ينجم ذلك عن سوء فهم أو تقدير من قبل المعارضة أو ربما بصورة متعمدة من قبل بعض أقطابها، فالممتلكات العامة هي ملك للمجتمع بكافة فئاته وأطيافه وأن تخريبها سيلحق الضرر بالجميع بغض النظر عن توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية، مما يتطلب فهم ذلك بصورة صحيحة، حيث تتوفر من خلال هذه الخدمات فرص العمل والخدمات الطبية والتعليمية أو تلك الخاصة بالبنى التحتية، كالكهرباء والمياه والطرق...إلخ.وإذا كانت البحرين قد تجاوزت هذه المرحلة، فإن بقية البلدان العربية ما زالت تعاني وتتدهور باستمرار مستويات المعيشة ويفقد المزيد من الأفراد أعمالهم بصورة يومية، كما تشهد هذه البلدان عمليات إفلاس لمئات من الشركات الصغيرة التي تعتمد على السياحة أو تلك التي تعتمد في تسويق منتجاتها وخدماتها على السوق الداخلية.لذلك وبهدف المحافظة على الحد الأدنى من متطلبات المعيشة لكافة أفراد المجتمع دون استثناء لابد للمعارضة في البلدان العربية أن تعيد النظر في نهجها الخاص بالتخريب الاقتصادي للحفاظ على ثروات بلدانها وعدم الإضرار بمصالح مواطنيها، إذ إن هذا النهج لا يؤدي إلا إلى طريق واحد وهو هدم المعبد على من فيه، بمن في ذلك المعارضة ومؤيدوها.