28 أكتوبر 2025
تسجيلبإقالة البرلمان العراقي بأغلبيته الساحقة لوزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، وفي هذا الزمن العراقي الصعب الذي يتهيأ الجيش العراقي فيه لعملية عسكرية كبرى في الموصل لانتزاعها من قبضة (تنظيم الدولة) بعد الهزيمة الكارثية التي تسبب بها القائد العام السابق الفاشل نوري المالكي عام 2014!، يبدو واضحا بأن تطورات الأوضاع الميدانية العراقية تسير باتجاهات فوضوية واضحة نحو تكريس الهيمنة الإيرانية، وتعزيز مواقع وحصون الفساد الإداري والمالي الكبير الذي تحصن بتحالفات القوى السياسية ومصالحها خصوصا تفاهمات مختلف القوى السلطوية مع النظام الإيراني الذي يمتلك (حق الفيتو) في صناعة القرار السلطوي العراقي. فخلال الأسابيع الماضية انتشى الشارع العراقي بالملفات التي كشف عنها وزير الدفاع في جلسة استجوابه البرلمانية، والتي أزاح النقاب فيها عن صور متعددة لفساد متشعب مما جعل شعبيته في الشارع العراقي ترتفع لعنان السماء!، ولكن حسابات الحقل لا تتطابق دائما مع حسابات البيدر!، فسرعان ما طارت النشوة، وتبدد الحلم، وتطايرت الآمال بإمكانية الإصلاح من خلال البرلمان، فدولة الفساد العميقة في العراق تمتلك من أدوات التحكم والسيطرة ما يمكنها الإطاحة بأي مركز قوى يتصدى لها!، وهي محمية بتوازنات طائفية سخيفة شكلت أساس حالة الفشل العراقية الرهيبة السائدة!، فما فعله خالد العبيدي في كشفه لملفات فساد جاء في الوقت الضائع وبعد عملية صراع داخلي داخل البرلمان العراقي وبعد أن فشلت ثورة تصحيحية برلمانية تكرست معها رئاسة سليم الجبوري وجماعته وذهبت كل وعود الإصلاح والتغيير أدراج الرياح، لقد نبش العبيدي في وكر الأفاعي وسرعان ما تلقى لدغات قاتلة أطاحت به من الحكومة وستطيح به من العراق وقد تدفعه لاحتمالين إما الهرب للخارج كما كان مصير نائب الرئيس العراقي الأسبق طارق الهاشمي بعد تحميله لملفات اتهام كيدية وهو الاحتمال الأرجح!، أو اعتقاله في العراق وربما اغتياله وتصفيته نهائيا!! وهو أمر سهل في حكومة تتحكم بها ميليشيات قتل وغدر طائفية تمتلك من أدوات الغدر والإرهاب ما يحقق لها أهدافها بيسر في ظل أوضاع عراقية متشابكة، لقد كان واضحا للجميع أن الهزة الكبرى التي أحدثتها ملفات العبيدي ضد أساطين الفساد كانت لها ارتداداتها الإقليمية الكبرى خصوصا أن النظام الإيراني وهو المايسترو الأكبر للعملية السياسية في العراق قد أضفى حمايته وبسط رعايته على رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري من خلال زيارته الشهيرة الأخيرة لطهران!!، مما أضفى عليه الحصانة وجعل موقف العبيدي ضعيفا! وانتقل من حالة الهجوم للدفاع الساكن ومن ثم الاستسلام التام والخضوع لسطوة مافيا الفساد التي لم تكتف بعزل وطرد الوزير بل إن النائبة التابعة لإمبراطور الفساد والتردي نوري المالكي المدعوة (عالية نصيف) قد أعلنت عن توجيه اتهامات خطيرة للوزير المطرود تتضمن الإدعاء بتسببه بخسائر بشرية لعصابات الحشد الطائفية!! وهي اتهامات تعني إصدار حكم الإعدام بحق العبيدي لكونها تدخل ضمن إطار التيارات الصاعقة!!. لاشك أن تصفية الحسابات الطائفية في العراق تسير وفق أجندات دقيقة وحساسة للغاية، ففوز سليم الجبوري بهذه الجولة ضد العبيدي لا يعني بأنه قد ضمن البقاء والتربع على عرش الزعامة!، بل يعني أساسا اقتراب يوم نهايته وتصفية الحسابات معه في مرحلة لاحقة قادمة وحتمية!، وهو ما سيحدث قطعا بانتظار التوقيتات الملائمة لذلك. قلاع الفساد العراقية مواقع حصينة أقوى من كل ما هو متصور ومعلن، والتخلص من الفساد وأهله عملية معقدة لكونها مرتبطة بطبيعة البناء السياسي المرتبك والهش القائم على أسس التوازن الطائفي والعرقي. للأسف في ظل الأوضاع الراهنة فإن العراق يسير في طريق التحلل والفوضى الشاملة ما لم يتم تدارك الموقف؟ وتلك مهمة مستحيلة!!.