11 سبتمبر 2025

تسجيل

الرعاية الاجتماعية وتكريم الإنسان

29 أغسطس 2015

العنوان الحيوي في كل مشروعات التنمية الوطنية هو الرعاية الاجتماعية والتنمية البشرية، وهما وجهان لعملة واحدة، إذ إنه متى توفرت الرعاية الاجتماعية من كل جوانبها حصلنا تلقائياً على مستوى متقدم من التنمية البشرية والعكس صحيح، ولذلك فإن المطلوب في جميع خطط التنمية مراعاة توفير الرعاية الاجتماعية والحصول على كسب بشري من خلال اكتشاف الطاقات الوطنية ورعايتها وتحفيزها. اطلعت مؤخرا على كتاب ذي قيمة علمية كبيرة بعنوان "دولة الرعاية الاجتماعية في القرن العشرين.. تجارب الأمم المتقدمة في تكريم الإنسان" لمؤلفيه جون ديكسون، روبرت شيريل، وآخرين، أشاروا من خلاله إلى أن الرعاية الاجتماعية هي نظام متخصص في قيادة وتوجيه عملية التغيُّر الاجتماعي، وهي وفق المتخصصين، نظام لإحداث تغيير واسع النطاق وشامل. وللرعاية الاجتماعية أهدافها التي تتطلع لتحقيقها في الوسط الاجتماعي كتأمين مستوى مناسب من الحياة لكافة أفراد المجتمع، وهي إلى جانب ذلك تعتبر وسيلة أساسية لتحقيق التوازن والاستقرار الاجتماعي. والكتاب يعزز قيمة الرعاية الاجتماعية ويتجه بها إلى أنها أكبر من أن تكون هدفا إنمائيا وحسب وإنما جهد حركي ضروري وأساسي بالنسبة للدول. وقد وضع المؤلفون معايير للرعاية الاجتماعية يتحدد من خلالها نظامها، تشمل: تحليل وتخطيط الرعاية الاجتماعية، وبرامج الأمان الاقتصادي، والخدمات الاجتماعية، والإدارة في الرعاية الاجتماعية، والعمل الاجتماعي. وقد استعرض المؤلفون تجارب عدد من دول العالم في مجال هذه الرعاية التي ينبغي أن تنتهي في كل أشكالها وتطبيقاتها ونماذجها إلى تكريم الإنسان، وقد استخلص المؤلفون أن الرعاية الاجتماعية هي أحد أهم أشكال تقدم الدولة، وذلك يضعنا أمام اقترابنا من نموذجنا الإسلامي الذي ينادي ويدعو ويشدد على تكريم الإنسان. هؤلاء الغربيون يصلون إلى استخلاصات هي متاحة بداهة لدينا في نظامنا الإسلامي، وحين ننظر في قيمنا ومبادئنا نجد أن مشروعات التكافل الاجتماعي كفيلة بتحقيق أفضل أساليب الرعاية الاجتماعية، ومع قليل من جهد المؤسسات المدنية مثل الجمعيات الخيرية والتطوعية يمكن لكل دولة أن تحقق معايير وتطبيقات أفضل من التجارب الغربية، وبالتالي نصعد السلم الإنساني بما لدينا من مقومات نجيد ونحسن تطبيقها دون الرجوع إلى تجارب آخرين يجدون صعوبة كبيرة في الاهتداء إلى الشكل والنموذج المثالي في الصعيد الاجتماعي.. لننظر إلى عمقنا الإسلامي وسنجد الكثير مما غفلنا عنه ويلهث خلفه غيرنا.