13 سبتمبر 2025
تسجيلجراء التوسع العمراني الذي شهدته دولة قطر خلال السنوات الماضية، دأبت الدولة - حفظها الله - ممثلة في وزارة البلدية والإدارات المنبثقة عنها على استقطاع العقارات والأراضي من المواطنين لحاجة بناء البنى التحتية ومنافعها مقابل تعويضات مالية مناسبة لأصحابها. وكان الاستقطاع ونزع الملكية والتعويضات حديث المجالس خلال الشهور الماضية، بسبب حجم الاستقطاعات الحكومية الكبيرة والتي شملت احياء ومناطق بأكملها. في الماضي كان التوسع والاستقطاع غالبا لحاجة الطرق. وكانت التعويضات مجزية تفرح أصحاب العقارات والأراضي المستقطعة. ورغم استغلال البعض عدم وجود قانون تستطيع الحكومة الاستناد إليه في شراء الأراضي والعقارات المستهدفة، وإلى المغالاة والتمسك بجشع للحصول على أكبر مبلغ ممكن خلال تفاوضه مع الجهات الحكومية، إلاّ أن السائد كان التراضي والرضا بالتعويضات التي كانت مجزية بشكل جعل الكل يتمنى أن يمر الطريق في وسط بيته وكانت بشارة "جاك القص" تقع بردا وسلاما على صاحبها الذي يعرف أنه بصدد الانتقال من حال إلى حال أفضل بكثير. اليوم اختلف الوضع كثيراً.. فمع صدور قانون نزع الملكية، استقطعت الدولة ما شاءت وما تحتاج إليه استنادا للقانون وصرفت التعويضات التي ارتأتها مناسبة للمتضررين حسب تقديرها. والإشكالية تكمن في أن التقديرات والأسعار التي تقرها اللجنة المشكّلة من قبل الوزارة للأملاك المنزوعة، أقل بكثير من الأسعار السائدة في السوق. وأصبح شائعا أن ترى أرضاً تباع وتشترى في منطقة ما بسعر 70-60 ريالاً للقدم المربع، يتم نزعها وتقييمها من قبل اللجنة بسعر 40 ريالاً للقدم المربعة. وبعد التظلم قد تحصل على زيادة اقصاها %15 من قيمة التعويض، أي حوالي 46 ريالاً. وانقلبت بشارة «جاك القص» إلى دعوة «الله يعوضك» ويتحول خبر نية الحكومة في نزع ملكية منطقة ما - وهي تفعل ذلك لمساحات كبيرة - إلى فزع بين أصحاب الأراضي والأملاك وقرار فوري بالبيع بأي سعر. هذا إذا استطاعوا بيعها قبل أن تعلن وزارة البلدية وإداراتها المعنية أن المنطقة On Hold، وهو ما يعني تحفظها على المنطقة أو الحي بأكملة بنية الاستملاك. وبالتالي منع أصحاب الأراضي والعقارات من البيع أو البناء أو عمل إصلاحات وترميمات في ممتلكاتهم وعقاراتهم بدون موافقة الوزارة. وقد يستمر التحفظ لشهور وسنوات قبل أن تقرر الوزارة نزع الملكية والبدء في إجراءات التعويض. لا جدال في أن قانون نزع الملكية ضرورة لابد منها لوزارة البلدية لاستملاك ما تحتاج إليه لبناء وتطوير البنى التحتية للدولة. ولا شك في أن المنفعة العامة للمواطنين ومصالحهم مقدمة على المنفعة الخاصة للأفراد. ولكن يبقى على المسؤولين في وزارة البلدية وأعضاء لجنة التقييم والتعويضات التقيد بالقاعدة الأساسية المتمثلة في قوله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم {ولاتبخسوا الناس أشياءهم}. وليس لها أن تفرض التعويضات على قولة المثل "اشربي ولا العصا". فكما أن للدولة حقاً فرضه القانون فإن للمواطنين حقوقاً حماها الدستور. فالمادة (27) منه نصت على أن الملكية الخاصة مصونة. وأقرت نزعها للمنفعة العامة "بشرط تعويضه عنها تعويضاً عادلاً". والواقع أن التعويضات المقدرة للأراضي المنزوعة في مناطق الدوحة وما حولها، لاتتناسب مع سعر السوق الذي يفرض نفسه. فيجد المواطن أن ما بيده من تعويض لايكفي لشراء أرض أخرى في الدوحة بنفس المساحة أو حتى أقل منها. ويضطر إلى البحث عن أراضٍ أقل قيمة وأبعد بعشرات الكيلومترات خارج الدوحة. والحكمة ألا يكون هناك ضرر ولا ضرار، وأن تتناسب التعويضات مع القيمة الفعلية والحقيقية للممتلكات وقت استملاكها. وأن تضع الوزارة واللجنة المعنية في اعتبارها أن المواطن المنزوع ملكيته يتطلع إلى أن يشتري أخرى بدلاً عنها. وأن الفترة الزمنية بين تقدير التعويضات واستلامها والتي قد تمتد في بعض الاحيان الى اكثر من سنة، تكون فيها الأسعار قد ارتفعت لغير صالح المواطن. وقد شهدنا خلال الفترة الماضية كيف ارتفعت الأراضي ومواد البناء بحوالي %25 - 20 خلال شهور قليلة. والإخوة الكرام في وزارة البلدية واللجنة المعنية بتثمين الأراضي والعقارات مطالبون بأن يعيدوا النظر في الأسس التي يتم بها تقدير التعويضات، بصفة مستمرة ليكون أكثر عدلاً وأقرب واقعية مع متغيرات السوق. والأهم أن يعيد البسمة إلى وجوه المتضررين. ... وعلى الخير نلتقي دائماً.