10 سبتمبر 2025
تسجيلتم توقيع الاتفاق الإيراني حول الملف النووي مع المجموعة الدولية (الصين، فرنسا، روسيا، ألمانيا، والولايات المتحدة الأمريكية) في 14 يوليو 2015 وهو ما فتح الباب أمام التكهنات بخصوص توقيت توازن السوق النفطية ومتى يصل النفط الإيراني للسوق النفطية. هناك توافق حالياً بأن الإجراءات الحالية المتعلقة بهذا الموضوع تعني رفع الحظر عن مبيعات النفط الإيراني، يبدأ في النصف الأول من عام 2016، سواء من المخزون العائم والذي يقدر عند 40 مليون برميل (وهو يعادل 100 ألف برميل يوميا على مدى 12 شهرا أو 200 ألف برميل يومياً على مدى 6 أشهر) أو من رفع الإنتاج الفعلي وأن ذلك يمكن أن يكون حول 500 ألف برميل يومياً، يتبعه في فتره تتراوح ما بين ستة أشهر وأخرى وعام كامل لرفع الإنتاج بمليون برميل يومياً، ولكن موقف السوق الحالي هو المراقب لوصول النفط الإيراني للسوق وانتظار ذلك لتحديد مسار الأسعار، ولكن هذا يعني، بلا شك، تأخرا في تعافي السوق وتوازنه إلى فتره قد تطول إلى سنة والبعض يرى أن توازن السوق لن يتحقق قبل بداية عام 2018، وهو ما يعني ما ذكرناه سابقاً من استمرار الضغوط على أسعار النفط خلال الفترة القادمة لحين تحقيق التوازن وبالتالي تأرجح نفط خام الإشارة ما بين 50 – 60 دولارا للبرميل بناء على وضع أساسيات السوق. كانت مبيعات إيران من النفط الخام تدور حول 2.3 مليون برميل يوميا، وإنتاج ما يقارب 3.7 مليون برميل يومياً، مقابل مبيعات النفط الإيراني خلال فترة ما بعد الحظر عند 1.1 مليون برميل يوميا، وإنتاج ما يقارب 2.8 مليون برميل يومياً، والذي بدأ منذ منتصف عام 2012. النفط الإيراني يتواجد بشكل قوي في الأسواق الواعدة رغم استمرار الحظر لسنوات وخلال الربع الثاني من عام 2015: (1) 512 ألف برميل يوميا ينتهي إلى السوق الصينية، (2) 306 آلاف برميل يوميا يتم تصريفها في السوق الهندية، (3) 97 ألف برميل يوميا لليابان، (4) 95 ألف برميل يوميا لكوريا، (5) 67 ألف برميل يوميا إلى سيريلانكا، (6) 119 ألف برميل يوميا إلى تركيا. كما يعتقد العديد من المراقبين في سوق النفط أن عودة النفط الإيراني للسوق النفطية لن يكون لها التأثير الكبير على أسعار النفط، حيث إن توقيت عودة النفط الإيراني يوافق عام 2016 حين يرتفع الطلب على نفط الأوبك بمقدار 900 ألف برميل يومياً وهو ما يكفي لاستيعاب الزيادة المتوقعة من إيران، ورغم ذلك إلا أن استمرار إنتاج أوبك عند مستويات تقارب 31.5 مليون برميل يوميا حسب تقديرات مصادر السوق، يُمثل تحدياً جديداً أمام استقرار الأسواق. وعلى صعيد الطلب على النفط، فإن حالة أسعار نفط دبي عند الباكورديشين، أي أن الأسعار الحالية أعلى منها في المستقبل توضح تناقص المعروض مقابل المطلوب حاليا مقابل ارتفاع المعروض في المستقبل، مع عودة النفط الإيراني، كما أن تقلص الفروقات ما بين نفطي خام الإشارة برنت ودبي، تقدم دليلا على أن النفوط الإفريقية أكثر جاذبية وأكثر جدوى اقتصادية مقابل النفوط الخليجية وهو ما يتم التعامل معه ضمن معايير أخرى كأساس لتقديم حسومات شهرية في التسعير أكبر، خصوصا في سوق يتسم بصفة عامة، بارتفاع المعروض. تشير تطورات السوق النفطية في عام 2016 إلى استمرار الفائض في ظل توقع الصادرات الإيرانية الإضافية في الأسواق العالمية، خصوصاً الآسيوية، واستمرار ارتفاع النفط الصخري الأمريكي وسيشكّل هذا، ضغطاً على الأسعار. كذلك يمكن التشكيك بشكل منطقي بعدم إمكانية السماح للنفط الأمريكي، يتم تصريفه في بقية أسواق العالم، ذلك أنه يعني ضعفا إضافيا في مستويات الأسعار، خصوصا أن الفائض في السوق النفطية هو من النفوط الفائقة النوعية الخفيفة بالدرجة الأولى. إن من المحاذير التي تزيد من الضغوط على مستويات الأسعار هو حرص إيران على الاستحواذ على حصتها في الأسواق دون أي اعتبارات للسعر وهو أمر قد يكون مستبعدا، لأن الاقتصاد الإيراني يعتمد بالدرجة الأولى على النفط، كذلك يجب توقع أن يتم تصريف النفط الإيراني في الأسواق الأوروبية إلى جانب الآسيوية وأن الزيادة تكون بالتدرج. الأجواء الحالية هي استكمال لضعف السوق والذي بدأ منذ النصف الثاني من عام 2014، وهي تعني عرضة الاقتصادات الأحادية لتقلبات الأسعار، مما يدفع في اتجاه ضرورة تطوير آفاق تنويع الاقتصاد وفق خطة واضحة ومدروسة تستثمر في الطاقات المتجددة والبتروكيماويات والتوسع في صناعة النفط والغاز وتبني حلول جذرية وإن كانت ربما يصفها البعض بأنها قاسية ويأتي في مقدمتها ترشيد الاستهلاك ومراجعة مهنية لسياسة الدعم. إن أي عودة سريعة للنفط الإيراني لكامل طاقته للسوق دون أن يقابل ذلك ارتفاع مماثل في معدل الطلب العالمي على النفط، سيكون لها تأثيرات كبيرة على استقرار الأسواق والأسعار، خصوصا مع تشابه نوعية النفط الإيراني للنفوط الخليجية واستهداف ذات الأسواق، وهو ما يعني أن أي تسهيلات أو مرونة إضافية تقدمها إيران للزبون تعني تنافسا ما بين المنتجين للمحافظة على الأسواق. ورغم ذلك فإن صمام أمان السوق النفطية يتمثل في عدم رغبة المنتجين والمستهلكين، على السواء، في انهيار الأسعار، خصوصا أن مستهلكين كبارا مثل أمريكا والصين هم أيضا منتجون للنفط، كما أنه سيؤثر على الاستثمار وأداء الاقتصاد العالمي، وستبقى السوق تراقب عودة إيران، وارتفاع المخزون النفطي، وإنتاج الأوبك، والاقتصاد العالمي، وأداء الدولار. وفي الختام، فإنه لابد من التنبيه بأن تصريف النفط الخام يتم على أساس عقود سنوية طويلة الأجل تضمن منافذ آمنة وتقلل من إمكانية خسارة الأسواق ولكنها لا تضمن التنافس وتؤكد قضية الشراكة الإستراتيجية كورقة مهمة في المحافظة على الأسواق.