14 سبتمبر 2025

تسجيل

في حضرة غزة!

29 يوليو 2014

ليس هناك من كلام يقال، فالبطولة في غزة له معنى مغاير، والدماء في غزة أسخن من غيرها، والدموع في غزة تحرق الخدود وتجرف الروح.في حضرة غزة تفقد الكلمات معناها، لأنها لا تعيد طفلا إلى الحياة، ولا تحمي أما من فقدان أطفالها، ولا توقف إسرائيليا يهوديا صهيونيا رضع الحقد والجريمة والقتل من ثدي أمه، ومن سطور "يهوة" الغارق في الحقد والجريمة، القابع في ملوكته الأسطوري الأسود. إنها غزة.. ومن أجلها نظم شاعر فلسطين العظيم أعظم نصوصه وقصائده:صمت من أجل غزة!تحيط خاصرتها بالألغام.. وتنفجر.. لا هو موت.. ولا هو انتحارإنه أسلوب غـزة في إعلان جدارتها بالحياةمنذ أربع سنوات ولحم غـزة يتطاير شظايا قذائفلا هو سحر ولا هو أعجوبة، إنه سلاح غـزة في الدفاع عن بقائها وفي استنزاف العدوومنذ أربع سنوات والعدو مبتهج بأحلامه.. مفتون بمغازلة الزمن.. إلا في غـزةلأن غـزة بعيدة عن أقاربها ولصيقة بالأعداء.. لأن غـزة جزيرة کلما انفجرت، وهي لا تكف عن الانفجار،خدشت وجه العدو وکسرت أحلامه وصدته عن الرضا بالزمن.لأن الزمن في غـزة شيء آخر..لأن الزمن في غـزة ليس عنصراً محايداًإنه لا يدفع الناس إلى برودة التأمل... ولكنه يدفعهم إلى الانفجار والارتطام بالحقيقة.الزمن هناك لا يأخذ الأطفال من الطفولة إلى الشيخوخة ولكنه يجعلهم رجالاً في أول لقاء مع العدو ليس الزمن في غـزة استرخاء ولكنه اقتحام الظهيرة المشتعلةلأن القيم في غـزة تختلف.. تختلف.. تختلفالقيمة الوحيدة للإنسان المحتل هي مدى مقاومته للاحتلال... هذه هي المنافسة الوحيدة هناك.وغـزة أدمنت معرفة هذه القيمة النبيلة القاسية.. لم تتعلمها من الكتب ولا من الدورات الدراسية العاجلةولا من أبواق الدعاية العالية الصوت ولا من الأناشيد. لقد تعلمتها بالتجربة وحدها وبالعمل الذي لا يكونإلا من أجل الإعلان والصورةإن غـزة لا تباهى بأسلحتها وثوريتها وميزانيتها. إنها تقدم لحمها المر وتتصرف بإرادتها وتسكب دمهاوغزة لا تتقن الخطابة.. ليس لغزة حنجرة.. مسام جلدها هي التي تتكلم عرقاً ودماً وحرائق.من هنا يكرهها العدو حتى القتل، ويخافها حتى الجريمة. ويسعى إلى إغراقها في البحر أو في الصحراء أو في الدممن هنا يحبها أقاربها وأصدقاؤها على استحياء يصل إلى الغيرة والخوف أحياناً، لأن غزة هي الدرس الوحشي والنموذج المشرق للأعداء والأصدقاء على السواء،ليست غزة أجمل المدن.ليس شاطئها أشد زرقة من شواطئ المدن العربيةوليس برتقالها أجمل برتقال على حوض البحر الأبيض.وليست غزة أغنى المدن..وليست أرقى المدن وليست أکبر المدن. ولكنها تعادل تاريخ أمة. لأنها أشد قبحاً في عيون الأعداء، وفقراً وبؤساً وشراسة. لأنها أشدنا قدرة على تعكير مزاج العدو وراحته، لأنها کابوسه، لأنها برتقال ملغوم، وأطفال بلا طفولة وشيوخ بلا شيخوخة، ونساء بلا رغبات، لأنها کذلك فهي أجملنا وأصفانا وأغنانا وأکثرنا جدارة بالحب.نظلمها حين نبحث عن أشعارها فلا نشوهن جمال غزة، أجمل ما فيها أنها خالية من الشعر، في وقت حاولنا أن ننتصر فيه على العدو بالقصائد فصدقنا أنفسنا وابتهجنا حين رأينا العدو يترکنا نغني.. وترکناه ينتصر ثم جفننا القصائد عن شفاهنا، فرأينا العدو وقد أتم بناء المدن والحصون والشوارع.