25 سبتمبر 2025
تسجيلبدأ موسم حزم الأمتعة والبحث في مشارق الأرض ومغاربها عن وجهات سياحية تفك ولو لحين أسر المرء من عبودية الوظيفة وقيود الدراسة ومن روتين الحياة اليومية والأهم من ذلك الهروب من حرارة الطقس القاسية. وقد لا يحظى شيء باهتمام الناس وشغفهم مثلما يحظى السفر وإن اختلفت أهداف الناس منه باختلاف مشاربهم وطبائعهم. فالسفر كان وما يزال وسيلة البعض من الناس للإحساس بالحرية والانطلاق والمتعة التي لا مثيل لها، والتي كان يجد بها البدو في مجاهل الصحراء وعلى ظهور الجمال وتحت الشمس المحرقة وهم متجهون نحو الحواضر أو المناطق الأخرى البعيدة، هذا الإحساس الغامر والدافع لتحمل هذه المشقة ولا أنيس لهم سوى مناجاتهم لإبلهم ولبعضهم البعض.. حتى ظهر من خلالهم للعالم جنس فريد ومميز من الأدب هو أدب الرحلات والأسفار، الذي يتنوع بين الشعر والنثر والقصص والروايات. ونفس الشغف بالأسفار وما تعنيه من مغامرة وكسر للمألوف، وبحثاً عن الرزق العزيز آنذاك، اتجه الكثيرون من رجال الخليج قبل الحقبة النفطية راكبين المراكب المخصصة للأسفار والمسمى أحدها (السفّار) متجهين نحو وجهات بعيدة صوب الهند أو سواحل افريقيا الشرقية والبصرة وبلاد فارس لجلب ما ينتجه أهل هذه الأمصار من بضائع ومنتجات. ويبقى أهم من اشتهر بالرحلات والأسفار شيخ الرحالة العرب ابن بطوطة الذي قضى ثلاثين سنة من عمره بين حلٍ وترحال في تنقل بين مغارب العالم القديم ومشارقه ليقدم للعالم أروع أدب رحلات عرفته البشرية والذي يعزى الفضل في تدوينه للسلطان أبي عنان المريني الذي أمر كاتبه بتدوين كل حرف ينطق به ابن بطوطة عن رحلاته وذلك بأسلوب شيق سلس خلّد رحلات واستكشافات وآراء ابن بطوطة الذي لم يترك لا صغيرة ولا كبيرة إلا ذكرها وبدقة شديدة تشبه الفيلم السينمائي. لكن الإحساس بالحرية وانكسار القيود التي تكبلنا الذي يمنحه إيانا السفر لا يعني أن يسمح المرء لنفسه بالوقوع في مغريات قد تكلف الإنسان صحته أو سمعته أو حتى حياته، وعشق السفر يجب ألا يدفعنا للوقوع في براثن البنوك التي تزين القروض ليقع بعدها المرء في فخ يصعب النفاذ منه.