11 سبتمبر 2025

تسجيل

فاستخفّ قومه فأطاعوه

29 مايو 2014

يبدو أن الشعب المصري سيظل يعاني من تعاقب الفراعنة عليه لسنوات طوال مالم يطرأ تغيير جذري في واقعه وفي عقلية الشعب المصري نفسه الذي ما إن لبث وتحرر من أسر آخر فرعون (حسني مبارك) وتنفّس هواء حريّة الرأي والتعبير والمشاركة في القرار مع بداية عهد الرئيس الشرعي محمد مرسي - المنتخب بإرادة الشعب المصري لأول مرة - ما إن حدث ذلك حتى ظهر فرعون جديد آخر هو (عبدالفتّاح السيسي) الذي جاء بمباركة وتطبيل وتمجيد من فئة غوغائية همجية من (بلطجية) الشعب المصري في الإعلام والقضاء والجيش والشرطة وسائر الحكومة ممن يقتاتون ويعيشون في الذلّ والرذيلة والفساد ويستمتعون بطوق العبودية في رقابهم.. وفق المثل الشعبي الدارج بينهم (القط يحب خنّاقه).فهاهو (السيسي) الذي خنق إرادة الشعب المصري وكتم حريّته في اتخاذ قراره يعيث على أرض مصر فساداً بعد أن انقلب على رئيسه وخان دينه ووطنه بتأييد وتواطؤ من قوى الشر والظلام في الداخل والخارج، هاهو يزهو بنفسه أكثر ويرى نفسه قادراً على قيادة هذا الشعب المغلوب على أمره بعد أن أصبحت قيادة الجيش بالنسبة له أمراً تافهاً إذا ماقورنت بقدراته وصفاته الأخرى! خاصة بعد أن وصفه أحد جنود هذا الفرعون بأنه مرسل من عند الله تعالى! مثل سيدنا موسى عليه السلام (والعياذ بالله) في كفر صريح وبهتان عظيم، ناهيك عن من قدّس شخصيته ومن أعطاه صفات البركة والكرامة وهكذا دواليك، أفلا يحقّ له بعد ذلك أن يزهو بغروره أكثر.. في استخفاف واضح وصريح لعقلية الشعب المصري، ليكرر ماقام به الفرعون الأول كما ورد في قوله تعالى ( فاستخفّ قومه فأطاعوه ).. ولهذا ليس ببعيد أن يقول كما قال فرعون الأول من قبله ( وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لعلّي أبلغ الأسباب *أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زُيّن لفرعون سوء عمله وصُدّ عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب ).إن ما يجري على أرض مصر من مسرحيّة هزلية تكررت كثيراً في عهد الطغاة والفراعنة السابقين في مصر كما تكررت كثيراً في دول الثورات العربية وغيرها من الدول العربية والإسلامية التي ابتليت بحكّام التصقت أجسادهم بكراسي الحكم كما يلتصق التوأم بأخيه، بيد أن التوأم قد يجري فصله بكل سهولة الآن مع الحفاظ على حياة الاثنين غير أن هؤلاء الحكّام ليس من السهولة فصلهم عن كرسي الحكم إلا بالقوّة لأنهم لا يكترثون بزوال شعوبهم وأوطانهم في مقابل احتفاظهم بالحكم، ولعلّ بشار الأسد (قاتله الله) هو أوضح مثال على تخريبه لوطنه من أجل إرضاء غروره وبسط سيطرته وتنفيذاً لمخطط أسياده في إيران وحزب الشيطان والصهاينة والأمريكان، ولا أبالغ إن قلت بأن هناك من الحكّام العرب في غير دول الثورات العربية لربما يفعلون مثل ما فعل بشار الأسد بوطنه من خراب ودمار في مقابل احتفاظهم بكراسي الحكم ومنصب الرئاسة.فالسيسي الذي يعاود تكرار مسرحية انتخابات الرئاسة التمثيلية الشكلية التي اعتادها الشعب أيام حسني مبارك والتي ستنتهي بأغلبية ساحقة لصالحه لن يكتفي بذلك وإنما سيعاود تكرار مسلسل السرقة والفساد بشكل أكبر وأسرع من قبل ليقضي على ما تبقّى من أموال وخيرات مصر وليزيد من ديونها ومصائبها وجراحها التي ماتزال تنزف وتقطر دماً وتزيد من مآسي الأمة وآلامها، فما يحدث من تهريج سياسي الآن في مصر أصبح أضحوكة سخيفة ونكتة سمجة يرقص على إيقاعها مرتزقة الإعلام المصري الذين هم بمثابة سحرة فرعون غير أن السحرة آمنوا بربهم في نهاية المطاف وعصوا أمر فرعون وماتوا وهم شهداء.إن الشعب المصري لا يستحق أن يعيش سنيناً أطول في الذلّ والهوان بعد أن تجرّع مرارة السكوت على الطغاة المتجبّرين والفراعنة المستكبرين، فالحل إذاً يكمن في مقاومة كل ما من شأنه أن يعيد مصر إلى الوراء.. إلى ما قبل حكم الرئيس محمد مرسي الذي لم يدعوه يكمل فترة رئاسته ليتسنّى الحكم على تجربته وإدارته للدولة كما يتسنّى لأغلب شعوب العالم اليوم، وكنت قد ضربت مثلاً أقول فيه: هل من العدل أن يسحب الأستاذ ورقة الإجابة من طالب مجتهد بعد مرور خمس دقائق من الامتحان بينما يسحبها من طالب فاشل بعد خمس ساعات؟! إنه تمام الظلم والقهر والعدوان.. ولكنها جولة من جولات الباطل الزائلة إن شاء الله قريباً.. ولنا في تكملة الآية أمل جديد .. قال تعالى ( فاستخفّ قومه فأطاعوه.. إنهم كانوا قوماً فاسقين) فشعب مصر المحب لدينه لن ولن يكونوا بإذن الله تعالى من القوم الفاسقين وإنما هي فئة فاسقة قليلة من الذين أطاعوا هذا الفرعون المغرور وهم الذين سيغرقون معه قريباً إن شاء الله.