18 سبتمبر 2025

تسجيل

القيادات الصحفية ومسؤوليات المهنة

29 مايو 2011

تشكل القيادات الصحفية العمود الفقري لأي مؤسسة صحفية، وعلى هذه القيادات تقع مسؤولية نجاح المطبوعة الصحفية أو فشلها، وهو نجاح لا يتحقق فقط من خلال تطور تقنيات الطباعة، أو تزايد عدد النسخ المطبوعة من المجلة أو الجريدة، أو تكاثر الأرباح، وكلها علامات تشير إلى النجاح، لكن الأساس في كل ذلك هو التركيز على التنمية البشرية، بخلق كوادر قادرة على تسيير دفة العمل الصحفي على أفضل ما يكون الأداء، ويشمل ذلك كل الأقسام الفنية والإدارية والتحريرية، ولعل الجانب التحريري هو الأساس، بينما تعمل الأقسام الأخرى كأقسام مساندة، تهيئ الظروف المناسبة لأداء العمل التحريري بانسيابية ونجاح، فالعمل الصحفي لا يقبل أي تأخير أو تعطيل أو ارتباك نتيجة أي تقصير إداري أو فني. على المستوى المهني التحريري، يفترض أن يكون العاملون في التحرير من ذوي الكفاءة العالية والخبرات الطويلة المتجددة، مع فسح المجال للكفاءات الشابة لتاخذ فرصتها من خلال الاستفادة من ذوي التأهيل العلمي والخبرة العملية، على أن يلاقي العاملون في التحرير "محررين في المركز الرئيس، أو مراسلين في الداخل والخارج" من فرص التشجيع ما يحثهم على تطوير الأداء، والحصول على ما يسمى الخبطات الصحفية التي تلفت نظر القارئ، وتدفعه للارتباط بهذه المطبوعة أو تلك، كما أن التشجيع أيضا يعني توفير الأجواء المريحة للعمل، من حيث رفع مستوى الرواتب، ومنح الامتيازات المادية والأدبية لمن يحقق أي عمل صحفي متميز، وعدم احتكار السلطة وارتباطها بالقيادات التي تهمش من سواها، إذ لابد من المشاركة والتشاور واختيار المحرر المناسب للعمل المناسب، وإذا كانت كل المهن تحتاج إلى العمل بروح الفريق الواحد، فإن الصحافة هي أكثر هذه المهن حاجة إلى هذه الروح الجماعية، التي يصبح فيها الفرد أكثر انسجاما مع الجماعة، والتصاقا بالمهنة، وإخلاصا لها، وفي المطبوعة الصحفية الناجحة لا يمكن تهميش محرر من أجل محرر آخر.. لا يمكن محاباة واحد على حساب الآخر، فالمقياس هو الكفاءة، والقدرة على أداء المهمة الموكلة لأي محرر. ثمة قيادات صحفية يزعجها نجاح أحد العاملين معها، خوفا من المزاحمة على المنصب، وهو خوف يعني عدم الثقة بالنفس، ويتجاهل أن نجاح المطبوعة الصحفية سيحسب في النهاية لهذه القيادة الصحفية وليس لفرد آخر، لأنه دليل على حسن اختيارها، وثقتها بمن يعمل معها، وسيظل المحرر الناجح مكسبا حقيقيا لا يمكن التفريط فيه من قبل مجلته او جريدته، لأن نجاحه سيفتح أمامه فرص العمل في أي مطبوعة حريصة على تحقيق المزيد من النجاح. هذا على صعيد الممارسة المهنية، لكن ثمة جانبا آخر تعتمد عليه المطبوعة الصحفية سواء كانت مجلة أو جريدة، هذا الجانب يتمثل في الكتاب، كتاب صفحات الرأي والزوايا اليومية أو الاسبوعية، وهؤلاء أيضا يسهمون في جذب القارئ الذي يفضي إلى زيادة عدد القراء وما يعقبه من زيادة حجم التوزيع المؤدي حتما إلى زيادة حجم الإعلان، لأن المعلن يحرص على نشر إعلانه في أكثر الصحف توزيعا، والاعلان هو المصدر الأساس لدخل المطبوعة الصحفية، فاختيار الكتاب لا يقل أهمية عن اختيار المحررين، وكما يمكن تشجيع الكفاءات الجديدة من المحررين والمراسلين، يمكن أيضا احتضان الكفاءات الجديدة والمواهب الشابة من الكتاب، الذين يكتبون ما يؤكد كفاءتهم وقدرتهم على الطرح والتحليل، بما يعنيه ذلك من عمق الفكرة وسلاسة الأسلوب وسلامة اللغة، ومعظم الكتاب الكبار بدأوا الصعود من أول درجات سلم الكتابة. ومهما تحدثنا عن مسؤوليات القيادات الصحفية، فلن نوفيها حقها، لأنها مسؤوليات تتعدد بتعدد جوانب العمل الصحفي، بما يمثله من تنوع في الأداء، وتعدد في الاهتمامات، استجابة لما يتطلع إليه القارئ من طموح في أن تكون صحافته ناطقة باسمه، ومجسدة لآماله، في الحياة الحرة الكريمة. [email protected]