15 سبتمبر 2025
تسجيلمصر المحروسة تمرّ بظروف غير مستقرّة بعد مرور كل هذه المدّة على انطلاق ثورتها، حيث ما زال الشارع يغلي نتيجة ما تواجهه الجماهير من خيبة أمل في النتائج المنتظرة لثورة علّقت عليها هذه الجماهير آمالاً عريضة، تعرّضت لعراقيل جمّة نتيجة محاولات الاختطاف التي تعرّضت وتتعرّض لها الثورة، من فئات لم يكن لها دور فاعل في هذه الثورة، إضافة لمحاولات فلول العهد البائد للحصول على دور مؤثّر في الحراك السياسي المصري، كأنما المراد هو إجهاض الثورة أو تحويل مسارها إلى اتجاهات لم تكن في الحسبان لدى الثوار.. في ظل هذه الأجواء يواجه الشارع المصري ضغوطاً غير طبيعيّة تدفعه للتعامل مع أي حدث جديد بانفعال يتجاوز الحدود، خاصة أن مَن يحرّك هذا الشارع في الاتجاه الخطأ جهات لا تريد الخير لمصر ولا للعرب. في ظل هذه الظروف ومع كلِّ ما يربط دول الخليج بمصر الشقيقة من علاقات تاريخية.. يبدو جليا أن هناك مَن يسعى لتدمير هذه العلاقات والعبث بإنجازاتها، مما أدى إلى مستوى من الحساسية المفرطة في العلاقات بين دول الخليج ومصر، وتقف بعض وسائل الإعلام المصريّة في خندق تأجيج أي أزمة بين مصر وأي دولة خليجيّة، عن طريق تحريك وتحريض الشارع المصري، من خلال ربط أي حدث عابر بالكرامة التي لا تُهان، والوطنيّة التي لا تمس، والحقوق التي لا تُهدر، وهذا في جوهره استحقاق مشروع لأي شعب، على ألا ينسى مَن يرفعون هذه الشعارات أن دول الخليج لها الحق أيضا في هذا الاستحقاق المشروع، وهذا ما لا تعترف به لا الصحف الصفراء في مصر، ولا قنوات الفتنة المُغرَمة بالتهويل والتزوير والكذب والابتزاز والردح الإعلامي المكشوف، وهو ردح لم يسلم منه أبناء الخليج ولا قياداته ولا رموزه الوطنيّة، وقد وصل إلى درجة الفحش بشكل تأباه الكرامة العربيّة، ويتنافى مع أبسط حقوق الإخاء والمحبة والوفاق. وما من دولة خليجيّة إلا ونالت نصيبها الأوفر من حملات وحفلات الردح الإعلامي الصاخب التي تقدّمها بعض أجهزة الإعلام المصري ظلماً وبهتاناً وإفكاً على رؤوس الأشهاد، حيث يُساء وبشكل سافر إلى شخصيات خليجيّة معروفة، قدّمت لمصر ما لم يقدّمه غيرها من المؤازرة والمساندة في السراء والضراء، وهذا واجبها الذي لا منّة فيه، ولا رجوع عنه. مصر الحضارة.. مصر الحرية.. مصر السلام.. مصر العروبة.. مصر المحبوبة من كل عربي.. كيف ترضى أن يشوّه وجهها الجميل هذا القبح الإعلامي الذي يحرّض الشارع المصري بالأكاذيب، ليغتال جمال عروس النيل وألقها وإنجازها الحضاري على مر التاريخ؟ كيف ترضى لشرذمة من المسيسين والموتورين والمتاجرين بأوطانهم.. أن يعبثوا بأمنها، ويسيئوا إلى علاقاتها مع أشقائها؟ غير مُدركين لما قد ينجم عن ذلك من أضرار سوف تتحمّل مصر أعباءها قبل غيرها، ومصر الحاضر لا تحتاج إلى مزيد من هذه الأعباء، ومع كل المواقف الإيجابيّة لدول الخليج تجاه مصر.. لم تسلم هذه الدول من ألسنة حداد تقطر بذاءة وقبحاً، من تلك الفضائيات التي سخرت نفسها للإساءة لدول الخليج وقياداتها ورموزها الوطنيّة وشعوبها المسالمة. نحن نتفهّم أوضاع مصر الحرجة، وسقطات بعض أبنائها المدانين بالتآمر على الشعب المصري، لكننا لا نفهم كيف يستطيع من عانى قسوة الظلم، أن يمارس الظلم على غيره، وما من ظلم أشد قسوة على القلوب من ظلم الأشقاء لأشقائهم، ولا أشد مضاضة على النفوس من ظلم الإخوة لإخوانهم، وحادثة هنا أو هناك لا يليق أن تنسف سنوات من المحبّة والودّ والوفاق، ويُجيّش لها الشارع ليزيد الطين بَلة، ويزيد الأمور تعقيداً، وإثارة للنفوس المحتقنة بأحداث لا طاقة لمصر على احتمال المزيد منها. إن مَن ينفخ في جمر الخلافات ليذكي نارها، ومن يدق إسفين النزاعات في العلاقات بين مصر ودول الخليج، هم الذين يزرعون هذا الالتباس في العلاقات المصريّة الخليجيّة، دون النظر إلى علاقات النسب والجوار والدين والقضايا والمصالح الاقتصاديّة والسياسيّة المشتركة، ومصر هي بيت العرب، ومن شيم العرب أن يكرموا الضيف، لا أن يقابلوه بفاحش القول والعمل، حتى وإن ارتكبت هذا الفحش فئة قليلة، فالحديث هنا ليس عن واقعة محدّدة، ولكنه عن حالة تتكرّر، ولا بد لها من علاج جذري، وبيد العقلاء وحدهم يمكن القضاء على ما يرتكبه السفهاء، وتدفع ثمنه الشعوب.