13 سبتمبر 2025

تسجيل

الإبداع وتقدم الأمم

29 مايو 2011

بحكم عملي لسنوات طويلة مع الطفل العربي وبكافة جنسياته تولد لديّ يقين أن أطفالنا من أذكى أطفال العالم وهم فقط في حاجة إلى بيئة ومناخ خصبين ليبدعوا ويتفوقوا تفوقا يفوق نظراءهم في الدول المتقدمة. وتيقن لديّ أن المسألة ليست ذكاء وحسب، وإنما هي إرادة مجتمعية للنجاح تبدأ من اكتشاف تلك النوابغ منذ الصغر، ورعايتها رعاية خاصة من خلال تعليم مختلف ومميز، يتم التركيز فيه على الموهبة المتفردة لدى ذلك الطفل مثلما يفعل في الغرب في المدارس المتخصصة، مثلا في الهندسة أو العلوم أو حتى الرياضة، وهنا يعيش الطفل في مناخ ما يعشقه وهنا يبدع فيه أكبر قدر من الوقت فتكون لدية الخلفية العلمية الكبيرة والقاعدة التي ينطلق منها إلى أبحاثه ودراساته المتعمقة، والتي ربما تقوده إلى اختراعات مذهلة، واكتشافات تفيد البشرية بصفة عامة وليس بلده ووطنه فحسب. وتأكد لدى أيضا من خلال معايشة الأطفال، كما ذكرت أن الكثير من المواهب تؤد وتقتل في المهد لأسباب كثيرة أهمها عدم الاهتمام واللامبالاة من الأهل وعدم الإيمان من المسؤولين في الحكومات بان ذلك الصغير من الممكن أن يكون مخترعا أو مكتشفا عظيما. وكذلك عدم وجود الإمكانات المادية والمعاهد البحثية المتقدمة التي توفر المناخ العلمي الذي يحقق هذا النجاح. ومؤخرا قرأت بحثا مهما عن الإبداع عند الأطفال وعوامل تنميته للدكتور أحمد فخري استشاري علم النفس، حيث يؤكد انه عقدت خلال السنوات الماضية الكثير من المؤتمرات والدورات التدريبية لخلق مناخ يشجع الأبناء على الإبداع، طارحا سؤالا مهما: الإبداع.. ماذا يكون؟ ويجيب الدكتور فخري قائلا "هناك الكثير من التعريفات التي تناولت مفهوم الإبداع سوف نتناول بعضها هنا فهناك من تناول الإبداع على أنه: الإبداع أو الابتكار Creation هو إيجاد حل جديد وأصيل لمشكلة علمية أو عملية أو فنية أو اجتماعية. ويقصد بالحل الأصيل الحل الذي لم يسبق صاحبة فيه احد. ويمكن تعريف الإبداع بأنه أفكار جديدة ومفيدة ومتصلة بحل مشكلات معينة أو تجميع وإعادة تركيب الأنماط المعرفية في إشكال فريدة. كما يتفق الكثيرون على أن الإبداع هو نوع من التفوق العقلي، ومنهم من عرف الإبداع على أنه إنتاج شيء جديد، أو هو قدرة عقلية مركبة من عدد من القدرات كالطلاقة والمرونة والأصالة والتأليف. ونلاحظ أن الإبداع هو إبداع الفرد في إيجاد حل جديد أو غير تقليدي أو أصيل لمشكلة ما في مجال ما، سواء العلمي أو الاجتماعي أو الفني. أما الإبداع من الناحية اللغوية: فهو من مادة بدع اي أنشأه وبدأه، وهناك فرق ما بين الإبداع والذكاء، فاختبارات الذكاء العادية تقيس القدرة على إيجاد إجابة صحيحة واحدة لكل سؤال، ولكن الإبداع هو القدرة على إيجاد إجابات جديدة وغير عادية للمشكلات المختلفة، ولقد فرق الكثير من المهتمين بأمور الذكاء والإبداع ما بين المفهومين بل توصلوا إلى أن الطفل المبدع ليس بالضرورة أن يكون طفلا مرتفع الذكاء. أيضا يختلف الإبداع عن الموهبة، فالموهبة كالرسم مثلا تعطي للرسم القدرة على التقنية لرسم لوحة جميلة ولكنها في نفس الوقت لا تعطيه الإمكانية لجعل اللوحة نادرة بما تحمله من إحساسات يشعر بها من يراها. التمييز أيضا بين الإبداع والاستدلال فيقال إن الاستدلال هدفه الكشف عن أشياء أو علاقات خافية كانت موجودة من قبل، في حين أن الإبداع هدفه خلق أشياء أو علاقات جديدة لم تكن موجودة من قبل كأن الاستدلال يقتصر على الكشف، بينما الإبداع يقتصر على صناعة الشيء. كما أن هناك فارقا بين الاستدلال والإبداع من حيث الطريق الذي يسلكه كل منهما، فالاستدلال يتبع طريقا مستقيما ذا معالم واضحة هي خطوات الاستدلال التي يتبنها من قبل، الذي يتجلى فيه خضوع التفكير للواقع، أما الإبداع ففيه يتحرر الفكر من قيود الماضي ولا يتقيد بالواقع. وهذا ما يجعل الكثير من العقبات تقف أمام المبدعين، وذلك بسبب وجود روح العداء في الميدان العلمي وغيره من الميادين، واتهام البعض للمفكرين والفلاسفة بالجنون وينظرون إليهم على أنهم متمردون أو دعاة فوضى وفي ميادين الفن يعتبرون منحرفين أخلاقيا" ولكن حتى تكون لدى كل منا العين اللاقطة، سواء كمدرس أو مربٍ أو أب أو أم أو أخ اكبر ليكتشف تلك الموهبة أو الإبداع عند الصغير فهذا يحتاج إلى عدة أمور سنناقشها في مقال قادم بإذن الله، يجب أن نلتفت إليها حتى يكون إبداع صغارنا ممرا كبيرا للتنمية والتقدم والارتقاء بوطننا ونرفع شأنه في جميع المجالات بإذن الله وسلامتكم. [email protected]