17 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بعد أن مضى عام تقريبًا على صعود الأمير محمد بن سلمان في السياسة السعودية ووصوله إلى موقع مؤثر في صناعة القرار السعودي يبدو أن بارقة أمل بدت تلوح بالأفق للتصدي للسؤال المسكوت عنه والمتعلق بمستقبل الاقتصادي السعودي الذي ما زال يتكئ بشكل كبير على النفط، فالأمير محمد بن سلمان يضع بلاده على الطريق الصحيح ويعلن ما يرتقي إلى مستوى الثورة الاقتصادية التي يستلزم إنجازها جملة من الإصلاحات سيلمسها الجميع قريبا.في خضم حالة من الغموض تكتنف مستقبل الإقليم بشكل عام نتيجة للتطورات الإقليمية والسياسات الإيرانية العدائية والمزعزعة للاستقرار يعلن الأمير محمد بين سلمان عن خطة كبيرة خلقت قدرا عاليا من التفاؤل لدى المتابعين والمهتمين بالشأن السعودي، فرؤية السعودية 2030 جاءت بتوقيت مناسب وبعثت برسالة واضحة بأن القائمين على صناعة القرار السعودي واعون لضرورة تنويع مصادر الاقتصاد والفكاك من حالة الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيسي في البلاد، فالتراجع في أسعار النفط العالمية ألقى بظلاله على اقتصادات دول الخليج وأثر سلبا على الدول العربية الأخرى التي تعتمد في سد عجز موازناتها على المساعدات الخليجية وعلى حوالات المغتربين.ما من شك بأن فك الارتباط بين الاقتصاد والنفط من جانب والحفاظ على مستوى معقول من الرخاء في نمط المعيشة من جانب آخر يتطلب إصلاحات بنيوية في الاقتصاد ويستوجب منح دور خاص ومتزايد للقطاع الخاص وبخاصة في النواحي التعليمية والصحية والخدمات الأخرى، وربما تسعى السعودية في قادم الأيام لاتخاذ إجراءات تحد من الاقتصاد الريعي بحيث يصبح المواطن مصدر إنتاج بدلا من الاعتماد الكلي على الدولة التي تعيد توزيع الثروة بشكل يضمن الرخاء والاستقرار، غير أن القائمين على الاقتصاد السعودي وصناع القرار امتلكوا بعد النظر في توقيت مناسب لتجويد عملية إدارة الاقتصاد الوطني ما يضمن تنويع مصادر الدخل وتقليل اعتماد الدولة على مصدر واحد حتى لو كان النفط.وتبدو الخطط السعودية الطموحة لا تأتي من فراغ وإنما بعد دراسات معمقة لسيناريوهات المستقبل القريب والمتوسط، فقبل أقل من عام تقريبا نشرت مجلة أمريكية تقريرا عن اتجاه السعودية نحو الطاقة الشمسية وذلك لأن معدل صرف الطاقة يتزايد بنسب تصل إلى 7% في الاستهلاك وليس للإنتاج، ويرى التقرير أن الاعتماد على النفط كمصدر للطاقة وتحلية مياه البحر والتكييف يرتفع بوتيرة مخيفة مما يهدد هيمنة السعودية على أسواق النفط بحلول عام 2028. ومن هنا يمكن النظر إلى هذه الخطة الإستراتيجية كضربة استباقية ولمنع وقوع الفأس بالرأس.لم ينتبني أي قلق بشأن رؤية السعودية 2030 لشمولها ولأنها استباقية في كثير من النواحي، غير أن هذا لا يمنع من الإشارة إلى تحديات قد تواجه صناع القرار لعل أبرزها إيجاد ملايين فرص العمل للشباب السعودي الذي أغلبهم أقل من ثلاثين عاما، فهناك العديد منهم من اعتاد على نمط عمل معين غير أن الانتقال إلى نمط جديد يتطلب تعليم نوعي مهارات وأخلاقيات عمل خاصة بالقطاع الخاص. ولهذا تحدث الأمير محمد بن سلمان عن ضرورة مواءمة التعليم الجامعي ومخرجاته مع متطلبات السوق وهو هدف غاية في الأهمية نظرا لطبيعة التعليم السائد في المملكة. كما أن إيلاء الاهتمام بالقطاع الخاص بحاجة إلى بنية تشريعية وتنظيمية حتى يتسنى للقطاع الخاص المساهمة الفعالة في نهضة البلاد وتنويع مصادر الدخل القومي للسعودية. كما لا يخفى على أحد أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تخطط السعودية لجلبها تحتاج إلى بيئة تشريعية آمنة تبعث على الطمأنينة، وما من شك أن صناع القرار في السعودية على وعي كامل بهذا المتطلب ما يبعث على الراحة والتفاؤل لدى العديد من المراقبين.بدا لافتا في خطاب الأمير محمد بن سلمان وهي يعلن عن رؤية السعودية 2030 أن هناك حاجة ملحة لقيم التسامح والمساواة وهو ما يعني أن القيادة السعودية تدرك تماما أن جميع مكونات المجتمع ينبغي أن تكون فاعلة في الإنتاج وإلا سيكون هناك تشوهات في تنفيذ الرؤية. والحال أن السعودية ليست لوحدها في هذا التوجه إذ أن هناك دول خليجية أخرى بدأت هي في تنفيذ خطط إستراتيجية معدة بشكل علمي لمواجهات تحديات المستقبل ولتوفير كل أسباب التقدم والرخاء للأجيال القادمة. فدول الخليج تمضي بمسارين متوازيين: واحد يركز على المجتمع المحلي لهذه الدولة ما قد يفضي إلى تغيرات بنيوية في سوق العمل، وآخر على مستوى التعاون الإقليمي وهذا ما يتجسد في آليات التعاون في مجلس التعاون الخليجي. بكلمة، أحسنتْ السعودية صنعًا وهي تعلن أن تنويع الاقتصاد هو هدف يحقق المنعة للبلد ومن أجله تُذلل كل العقبات.