14 سبتمبر 2025
تسجيلالأطروحات الجريئة وغير المسبوقة التي قدمها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حول رؤية السعودية 2030، لم يكن أحد، حتى وقت قريب، يتصور أنها قد تحدث في المملكة العربية السعودية. لكن الأمير الشاب محمد بن سلمان تجرأ على مناقشة ما يخشى الآخرون مجرد التفكير فيه، وتحدث علنا وبصوت مرتفع وقدم أطروحات غير مسبوقة في السعودية التي تنتهج سياسة محافظة للغاية، إلى درجة أنه كسر "تابوهات" كانت تعتبر محرمات لا يجوز مجرد الاقتراب منها.الأمير محمد بن سلمان قدم رؤية إصلاحية للاقتصاد والنفط والترشيد ومكافحة الفساد والإقامة في المملكة العربية السعودية، مع تقديم محاولة لرؤية "ما بعد نفطية" للسعودية، ترمي إلى تقليل الاعتماد على النفط وزيادة الاعتماد على مداخيل أخرى.الطرح الأكثر جرأة للأمير كان حول الموازنة العسكرية وأبدى استغرابه من عدم وجود صناعات عسكرية في السعودية رغم أنها ثالث أكبر دولة في العالم في الإنفاق العسكري وقال: "جيشنا الثالث في الإنفاق العسكري والعشرين في التقييم، وهذا خلل، مبديًا أمله بأن تكون السعودية من أقل دول العالم في نسب الفساد وأن الخصخصة جزء مهم في مكافحة الفساد". وهي نقطة محورية خطيرة ومهمة جدا، فدائما ما تكون النفقات العسكرية سرية ولا أحد يعلم عنها شيئا وهذا يفتح أبواب الفساد مشرعة أمام السماسرة والمقاولين والمستغلين والفاسدين، وإذا ما نجح الأمير محمد بن سلمان بإغلاق هذا الباب فإنه سيكون قادرا على ضرب معاقل الفساد الأخرى بيسر وسهولة وكشف أنه سيتم إنشاء شركة قابضة للصناعات الحكومية وستطرح لاحقًا في السوق نهاية 2017، وأنها ستمكّن المواطن من الاطلاع على الصفقات العسكرية بشكل واضح.المعركة ضد الفساد ليست سهلة فهي معقدة وطويلة وشاقة، لأن أقوى التكتلات في العالم هي "تكتلات الفاسدين" فهي تعمل بكفاءة قل نظيرها، ففي كثير من الدول العربية فإن "مؤسسة الفساد هي وحدها التي تعمل بكفاءة".. في حين ينخر الخلل كل المؤسسات الأخرى. وهذا يضع الأمير في مواجهة حقيقية مع هؤلاء، الأمر الذي يحتاج إلى دعم شعبي كبير لتمكين الأمير من المضي قدما في رؤيته الإصلاحية.كثيرة هي النقاط التي تطرق لها "ولي ولي العهد السعودي"، وأهمها كسر محرم كبير فيما يتعلق بالإقامة في المملكة، وتقديم "غرين غارد" لاستقطاب الكفاءات ورجال الأعمال والأشخاص القادرين على تقديم إضافة نوعية للحياة والاقتصاد والثقافة في السعودية، وبيع جزء من شركة أرامكو التي تعتبر أهم شركة نفطية في العالم، وجسر الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وحل مشكلة البطالة والترهل والإسكان والأراضي ومشاكل المدن، وتأسيس قوة استثمارية ضخمة وتطوير السياحة، وتعزيز العمق العربي والإسلامي للسعودية، وإنهاء عصر "الإدمان على النفط".الأمير قال إن العام الحالي 2016 سيكون عام "إصلاح سريع ممنهج ومخطط له"، مضيفا "أن الملك سلمان عمل عملًا قويًا لهز رأس الهرم في السلطة التنفيذية".. وهي هزة تمثل ثورة من الأعلى.. ثورة فيها الكثير من الرؤى الإيجابية لنقل السعودية إلى عصر جديد، تحتاج بلا شك إلى دعم كل النخب لتحويلها من نظرية إلى تطبيق.