18 سبتمبر 2025
تسجيلتأرجحت أسعار نفط خام الإشارة برنت ضمن نطاق 103 – 111 دولارا للبرميل خلال الأشهر الأولى من عام 2014، بينما يتحرك نفط خام الإشارة دبي ضمن نطاق 101 – 107 دولارات للبرميل خلال هذه الفترة ذاتها، وهذا يأتي بالرغم من بوادر إيجابية كان لها تأثيرها في رفع المعروض في سوق النفط الخام ومن بينها ارتفاع إنتاج العراق من النفط الخام ، واستمرار المفاوضات الإيرانية مع الغرب بخصوص الملف النووي الإيراني.كذلك فإن من العوامل الإيجابية التي يعتقد المراقبون أنها تدعم أسعار نفط خام برنت خلال الأشهر القادمة هو دخول نفط بحر الشمال في برامج الصيانة إضافةً إلى استمرار تأثر مبيعات ليبيا من النفط الخام، بينما تظل أسعار نفط خام تكساس المتوسط تتأثر بارتفاع المعروض والمخزون النفطي في السوق الأمريكي مما قد يعني اتساع الفروقات شيئا قليلاً عن المستويات الحالية.ولعل العامل الرئيس في ثبات متوسط الأسعار فوق المائة دولار للبرميل هو توازن السوق والذي تحقق مع تصاعد العوامل الجيوسياسية وخصوصا التطورات في أوكرانيا والتي تبدو في طريق التصعيد وليست التهدئة، وهو ما يدعم قلق الأسواق على المعروض من النفط والغاز خصوصا أن أوكرانيا تمثل المنفذ إلى أوروبا والتي تعتمد بشكل كبير على روسيا خصوصا في التزود باحتياجاتها من الغاز، وصعوبة التعويض عنها، وهو ما يشكل دعامة للسوق والأسعار، ولعل ما يزيد من حجم المشكلة هو أن التهديد لأمن الطاقة في أوروبا بدأ يأخذ عدة احتمالات حيث يتم تداول عدة أوراق قد لا تكون حقيقية ولكنها في مجملها تسهم في تعقيد المشكلة، ولا تدخل في إطار الحلول، ومن بينها البحث عن أسواق جديدة سواء من جانب روسيا أو أوروبا، أو إعطاء مهلة لأوكرانيا لسداد ما عليها من التزامات مالية تعاقدية مستحقة لروسيا، أو الإعلان والتلويح برفع أسعار الغاز بدرجة كبيرة، بيع النفط بعملة خلاف الدولار الأمريكي، أو التلويح بتأثر الاستثمارات سواء للشركات العاملة في روسيا أو في أوكرانيا، أو تطوير علاقة تعاقدية مع إيران لتصريف النفط الإيراني مقابل امتيازات وسلع معينة، أو التلويح بتأميم خط أنابيب الغاز الروسي الذي يمر عبرها لتصدير الغاز إلى أوروبا ، أو التلويح بفرض عقوبات قد تعني تأثر مبيعات روسيا من النفط الخام خصوصا إلى أوروبا، ولكن في ظل هذه الأجواء فإن التأثير الاقتصادي على روسيا أو أوروبا يبدو هي مخاوف حقيقية تستدعي التعامل معها في عصر العولمة وانتشار الآثار إلى بقية الأسواق.وبالرغم من استبعاد حدوث انقطاع حقيقي للنفط الروسي لأسواق النفط، إلا أن تأثير التوترات السياسية على الساحة الأوكرانية مازالت تؤثر في سوق النفط ومستوى الأسعار، ولعل ذلك يمكن عزاؤه إلى تناقص القدرة الإنتاجية الفائضة التي تمتلكها الأوبك والتي تتركز عند المملكة العربية السعودية أضف إلى ذلك عدم قدرة السوق على تعويض الكميات من النفط الروسي والتي يمكن انقطاعها عن سوق النفط لسبب أو آخر، وهناك عدة بدائل يتم تداولها ولكنها بعيدة التحقيق في وقت قريب، ولا يتوقع أن ترى النور إلا ربما في نهاية 2016 وهي تشمل السماح بصادرات النفط الخام والغاز الطبيعي الأمريكي من الولايات المتحدة حيث يتم الحديث والنقاش، وهو عموماً ما يجعل توقيت أحداث أوكرانيا وشبه جزيرة القرم يصب في مصلحة دعم أسعار السوق خصوصا مع قيام العديد من توقعات الصناعة بخفض في معدل تنامي الطلب العالمي على النفط خلال عام 2014، وأيضا وسط مؤشرات ضعف الاقتصاد في الصين، حيث تشير المؤشرات إلى تباطؤ أداء في الاقتصاد الصيني مقابل السنوات السابقة، فقد شهد تناميا بمقدار 7.4% خلال الربع الأول من عام 2014 مقابل 7.7% خلال الربع الرابع من عام 2013، ولعل هذا يشمل اعتدال في وتيرة اتساع النشاط الصناعي هناك، وهي أخبار ليست في صالح توقعات جيدة حول معدل تنامي الطلب الصيني على النفط.وفي ظل أوضاع غير مستقرة لعل هو المتأثر هو التجارة الدولية، وفي هذا السياق تتوقع دراسة حديثه صدرت في 14 أبريل 2014 عن منظمة التجارة الدولية، أن يسجل تنامي التجارة الدولية اعتدالاً حيث ينمو بمقدار 4.7% خلال عام 2014، وهو يقل نسبياً عن متوسط النمو الذي سجله تنامي التجارة العالمية خلال السنوات العشرين الماضية ما بين 1983 – 2013 عند 5.3%، ولقد جاء تباطؤ وتيرة تنامي التجارة الدولية خلال عام 2013 نتيجة انكماش معدل الواردات إلى البلدان الصناعية بمقدار -0.2%، بينما اتسعت الواردات إلى البلدان النامية بمقدار 4.4% وهو ما أسهم في أن تكون نسبة تنامي التجارة الدولية خلال عام 2013 عند 2.1% وهي تمثل متوسط إجمالي الصادرات والواردات في مختلف أسواق العالم لمختلف المنتجات، ويعزي ضعف التجارة والتصنيع إلى انحسار الاقتصاد في منطقة اليورو وارتفاع نسبة البطالة، وعدم تعافي المؤشرات الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية خلال عام 2013 ، وطبعا النشاط الصناعي تحسن بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأولى من عام 2014 والنصف الثاني من عام 2013، ولكن هناك عدة مخاطر تحيط بأداء البلدان النامية خلال عام 2014 ومن بينها عجز في الميزان التجاري لعدد من البلدان ومن بينها الهند وتركيا، كذلك ضعف العملات المحلية مقابل الدولار وهو الحال في الأرجنتين والهند، كذلك فإن تحقيق التنامي والإصلاح في الاقتصاد يتعلق بالدرجة الأولى على القدرة في ترشيد وتقنين ورفع الدعم عن الاستهلاك المحلي.لقد أضافت التوترات الجيوسياسية عاملا جديداً في حالة الشكوك واللايقين لأي توقعات في المستقبل، ذلك أن الخلافات السياسية وعدم التوافق على الحدود في مناطق عديدة في العالم تشمل الشرق الأوسط ، آسيا ، وأوروبا الشرقية ممكن أن تؤدي إلى ارتفاع في أسعار النفط الخام وتأثر أنماط وحركة التجارة الدولية بشكل سلبي نتيجة التوترات، ولكن يبقى صعوبة توقع توقيت تلك التوترات وتحديد حجم المخاطر أمرًا من الصعب إدخاله في أي توقعات في المستقبل بشكل صحيح.