15 سبتمبر 2025
تسجيلكم مرة وجدت نفسك أمام موقف يوجب عليك أن تعتذر؟ ولكنك تكابر وتشعر أن الاعتذار يقلّل من شأنك، وكم مرة ندمت على انك لم تعتذر، وإنك فقدت صديقاً أو حبيباً بسبب ذلك الكبرياء. إن الاعتذار قيمة غالية جدا وثقافة يفتقدها الكثير منا فالإنسان صاحب الشخصية القويّة السويّة هو مَن يتحلّى بخُلق الاعتذار، فوالله لا يعتذر عن ذنب يقترفه إلا كريم. فكم من بيوت دمرت بسبب توافه الأمور، لو كان هناك مَن يسامح ويعتذر ما كانت خربت بيوت وهدمت أسر. سأروي لكم قصة وصلتنى على الإميل تحكى أن كلمة اعتذار رقيقة قد تغيّر مجرى الحياة وتبدّلها وان الحياة أقصر بكثير من أن نضيع ايامها فى الخصام بسبب كبرياء أو عند لا يفيد، يقول راوي الحكاية جلس زوج صباحا على مائدة الافطار التى اعدتها زوجته وتركتها، وبدأ فى تقشير البيضة ولكنه لم يكمل وتركها وهو ينتظر قدوم زوجته، امسك بكوب الحليب فوجده باردا فتركه هو الآخر وهو يترقب قدوم زوجته لتشاركه الفطور مثل كل يوم فاذا بها تضع الخبز على المائدة وتتركه وتدخل المطبخ مرة اخرى لا تستطيع ان تجلس معه لانه أهانها بالأمس ولم يعتذر فقد منعه عناده وكبرياؤه أن يعتذر، وما هى الا لحظات حتى سمعت صوت الباب وقد أغلقه وذهب، فعادت إلى مائدة الافطار فوجدت الطعام كما هو فقالت طبعا تريد ان اقشر لك البيضة وأقدمها لك مثل كل يوم، ولكنك لا تستحق لأنك لا تقدر معاملتي لك وصنيعي معك وتهينني ولا تعتذر وبينما هي تنظف المائدة وهى غاضبة فإذا بها تجد وردتين ورده حمراء واخرى بيضاء فوق ورقة مكتوب فيها إلى زوجتى الحبيبة الغالية لم استطع أن أفطر فى غيابك عني كم كنت أتمنى أن أرى إبتسامتك الجميلة التي تودعيني بها كل صباح قبل ان اخرج إلى عملي... إلى أن قال لها: لقد نال الشيطان منى عندما اخطأت فى حقك ولم اعتذر فهل تقبلين اعتذارى، فتبدل حال الزوجة واحتضنت الورقة وهى تبكى وتردد سامحنى انت يا زوجى الحبيب ثم انطلقت كالنحلة تعد له طعام الغداء الذى يحبه وزينت بيتها وعطرته واستقبلت زوجها فى ابهى زينه وما ان دخل الزوج حتى استقبل كل منهما الآخر بابتسامه ولسان حال كل منهما ينطق بالود والمحبة وبالاعتذار، فكم من كلمة بسيطة لا تكلف شيئاً تغيّر من حال إلى حال، فهذا هو حال الاعتذار يذوب المشاكل والخلافات ويبدّل البغض والكره ليحلّ مكانه الحب والود، فالاعتذار قيمة وخلق راق للتعامل الحضارى بين الناس، لا يتوافر إلا فى شخصية متزنة عاقلة ولا يغيب الا عن شخصية متعصبة حمقاء، فالاعتذار يزيد من قدر الانسان لا ينقصه، فكم أشخاص منا لا يعتذرون عن الاخطاء لاعتقادهم أن الاعتذار سيقلل من شأنهم ولا يعلمون ان الاعتراف بالخطأ فضيله!، والغريب أنك تجد فى الغرب فى التعاملات الإنسانية تجدهم يعتذرون على أبسط الأشياء دون عجرفة أو شعور أحدهم أنه فقد كرامته او كبرياءه بسبب الاعتذار عن خطأ وقع منه، فيقول ديل كانيجى: "اذا عرفنا أننا مخطئون وسلمنا بالهزيمة لا محالة فلما لا نسبق الشخص الآخر إلى التسليم بذلك، أليس من الأفضل أن نكون نحن من نوجه النقد لأنفسنا بدل أن يوجهه لنا الشخص الآخر، كل أحمق يستطيع الدفاع عن اخطائه اما ان تسلم باخطائك فهذا هو سبيلك إلى الارتفاع فوق درجات الناس وإلى الاحساس بالرقى والسمو". واخيرا، ان الاعتذار بلسم يداوي كل الجراح، وينقي النفوس ويشعرك بقيمتك واحترامك لذاتك واحترامك للآخرين، فلا تضيع حياتك بسبب العند والكبرياء وافتح قلبك وابدأ من جديد، فكل يوم يضيع من حياتنا فى خصام وبغض وبعد لن يعود مرة اخرى، اجعل الاعتذار قيمة من قيمك ولنربِ اولادنا وبناتنا على قيمة الاعتذار، ولنكن نحن المثل الحي على ذلك الخلق ولنبدأ بأنفسنا ونكون قدوة لهم.. وسلامتكم. [email protected]