10 سبتمبر 2025

تسجيل

التأثير والتأثر

29 أبريل 2011

في السلسلة السابقة تحدثت عن التأمل بالكون وما فيه من مكونات وأحداث، أدى التأمل فيها إلى هداية الإنسان إلى معالم بيئته، وحدد الأقاليم المختلفة التي بها الحياة المتنوعة والمختلفة فالبيئة بمفهومها العام ((الوسط أو المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان ويتأثر به ويؤثر فيه)). فالطبيعة هي الأم والإنسان ذلك الكائن الحي أحد مكونات هذه الطبيعة يؤثر ويتأثر.. مثله في ذلك مثل سائر الكائنات الحية الأخرى، فالأمر يحتاج إلى إعادة تصالح للعلاقة بين الإنسان والطبيعة وبين الإنسان وأمه وذاته وأجياله القادمة على المستوى الكوني والفردي والأسري والجماعي — بإبداء وإفشاء السلام والوئام — بدلا من العداء والصراع. وقد وضح الدكتور محمد السيد غلاب أن الناس لا يعيشون في فراغ بل في بيئات، وأن هذه البيئات بينها من التفاوت ما بين الحار والبارد، والرطب والجاف، الأخضر واليابس، ومن ثم كان اختلاف المجتمعات الإنسانية نفسها، وأن الناس لابد من ان يتفاعلوا معها مؤثرين ومتأثرين. ففي دراسة لمدى تأثير البيئة في الإنسان ومدى تحرر الإنسان من سيطرتها واستجابة لمقتضياتها، بحيث يجعلها تلائم أغراضه، وبعبارة أخرى مدى تحكمه في البيئة، وذلك في كل طور من أطوار النمو والرقي الحضاري، ويبدو لنا أن الإنسان في المجتمع البدائي أشد تأثيراً بالبيئة من الإنسان في المجتمع الأكثر تحضراً، ويرى بعض الكتاب أن للعنصر أو السلالة race أثراً في توجيه المجتمع، وفي تحديد مجال تفكيره ومقدراته العقلية والفنية، فالمجتمع يتدخل بما يفرضه من تقاليد ومعتقدات وأساليب حياة بين الإنسان والبيئة، حيث إنها جميعاً تحول ((اختيار)) الإنسان لإمكانيات البيئة، وتؤثر في الاختيار، ومن ذلك أن على الإنسان أن يفهم إمكانيات البيئة، وأن يتلاءم معها أو يجعل ظروف البيئة تلائم رغباته، بأن تكون عملية توافق بين الإنسان وبيئته، ولا يأتي ذلك الا باتباع الطرق العلمية الصحيحة في البحث عن إمكانيات البيئة، ويجب أن تبتعد هذه الأبحاث العلمية عن الطموح والمغالاة وإلا ضاعت جهود الإنسان كلها بضربة واحدة من ضربات الطبيعة، حيث إنه يتوقف نجاح الإنسان في الإفادة من إمكانيات بيئته على قدر تفاعله مع عناصرها وحسن استغلاله لمواردها، ويعتمد بلا شك على مدى معرفته لمكونات البيئة، وتفهمه للعلاقات والروابط بين هذه المكونات في نظام متكامل لا خلل فيه. وأخيراً: نجد مبدأ التوافق بين الإنسان وبيئته الذي يعبر عنه بالعملية الديناميكية التي يهدف بها الفرد الى ان يغير سلوكه، فيقيم علاقات أكثر تآلفاً مع بيئته، بأن يتكيف معها بالحفاظ عليها من كافة أنواع التلوث، وبذلك تتحقق له حياة نفسية متوازنة ومستدامة. *دمتم قرائي سالمين وبالمحبة والود.. أتلقى ردودكم، وانتظروني في السلسلة القادمة إن شاء الله بجديد.