29 أكتوبر 2025
تسجيلفي شهر رمضان المبارك، تعلن ربات المنازل حالة الطوارئ في البيوت، وتشتد المنافسة في الاستعداد لرمضان وشراء لوازم البيت والتجديدات في الأثاث وغير ذلك من مظاهر استقبال رمضان عند كثير من الأسر مع اختلاف العادات من بلد لآخر.وفي الحقيقة، ازدادت هذه المظاهر ازديادًا مُبالَغًا فيه في السنوات الأخيرة، ووصلت إلى حد التفاخر والتباهي بين الناس، وهذا أمر خطير يؤدِّي إلى الفرقة ويزرع الكراهية والحقد ويوغر القلوب. فلا شك في أن كل إنسان يعيش حسب مقدرته وظروفه وإمكاناته المتاحة له، ومزايدة شخص آخر مقتدر عليه تُشعره بالضيق والحرج، لا سيَّما أن رمضان شهر عبادة والاستعداد له يكون بتطهير النفوس وتزكيتها ورفع الهمة للنشاط في الطاعة والعبادة واستشعار روحانيَّات هذا الشهر الكريم. والله تعالى خلقنا مختلفين في الأجناس واللغات والألوان، وكذلك الطبقات والفوارق الاجتماعيَّة لحكمة يعلمها سبحانه، قال تعالى: «نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا» (الزخرف: 32). وعلى الرغم من هذا الاختلاف من الخالق، فالناس سواسية، لا فرق بينهم إلا بالتقوى، ولا معيار للتفاضل غيره.. قال رسول الله - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -: «لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأبيضَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أبيضَ، إلَّا بالتَّقوَى، النَّاسُ من آدمَ، وآدمُ من ترابٍ» (صححه الألباني). وقد لاحظنا وجود ظاهرة التباهي والتفاخُر بوضوح أكثر مع الانتشار الواسع لوسائل التواصُل وتطبيقات الإنترنت، وصارت حياة معظم الناس على مرأى ومسمع من ملايين البشر في شتَّى بقاع الدنيا.. فهناك مَن يتفاخر بالفيلا والآخر بالسيارة وغيره بالماركات والساعات والهواتف وغيرها كثير من التفاهات. وهذا أمر خطير نابع من الاستعلاء على الآخرين، وشعورك أنك أفضل من غيرك وأعلى منه يوصلك إلى الكبر والغرور، وهذا مُهلك عياذًا بالله. وكلنا يعلم أن الأصل في المسلم التحلي بالتواضُع. قال رسول الله - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -: «إن الله تعالى أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد» (رواه مسلم).ومن أوضح مظاهر التباهي المستحدثة في رمضان: تصوير الموائد وأماكن الإفطار والسحور في الفنادق الراقية دون مراعاة لظروف الضعفاء والمحتاجين، فهذه الظاهرة منتشرة في رمضان انتشارًا مَرَضِيًّا، تجد أشخاصا لا همَّ ولا شاغل لهم في يومهم إلا تصوير الطعام والشراب، وكل ما لذَّ وطاب، فيصنع لنفسه عالمًا افتراضيًّا يتباهى فيه ويتفاخر ليل نهار، واليوم «عزومة» فلان وتصوير المائدة العملاقة، وبعده «عزومة» فلان، وهكذا طوال الشهر، يرى الجميع صورًا تُنشر كل ثانية لكل تفاصيل المشتريات والأكل والشرب في رمضان، وصار الأمر مُبالَغًا فيه، فحتى الأكواب والأطباق والعصائر والقهوة تُنشر على العام.فنصيحتي لنفسي أولًا ثم للجميع: استعدادك لرمضان أمر يخصك وحدك؛ فترتيب مشترياتك والهدف منها، سواء محاولةً منك للفراغ من أمور المنزل واستغلال وقت رمضان للعبادة فقط، أو لأنك تعطي نفسك إجازة في رمضان فتجهز أمور بيتك مبكرًا أو غير ذلك من النيات التي تجعلك تعد العدة لرمضان، كلها تخصك أنت وأسرتك ولا تهم الآخرين في شيء.