16 سبتمبر 2025
تسجيلالدعاء عبادة من أجٌل العبادات وأعظم الطاعات وأنفع القربات، فعن النُّعْمانِ بْنِ بشيرٍ رضِي اللَّه عنْهُما، عَنِ النَّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: "الدُّعاءُ هوَ العِبَادةُ"، فلا يستهين به أحد، ولا يتعجل نتائجه إلا عجول ضعيف الايمان. وفي ذلك حكاية أود أن أحكيها لكم اليوم بما فيها من عظة وعبرة، حيث يحكى "إنه خرج الطبيب الجراح الشهير (د. إيشان) على عجل إلى المطار للمشاركة في المؤتمر العلمي الدولي الذي سيلقى فيه تكريماً على إنجازاته الکبيرة في علم الطب، وفجأة وبعد ساعة من الطيران، أُعلن أن الطائرة أصابها عطل كبير بسبب صاعقة، وستهبط اضطرارياً في أقرب مطار، توجه الى إستعلامات المطار مخاطباً: أنا طبيب عالمي، كل دقيقة عندي تساوي أرواح أناس، وأنتم تريدون أن أبقى 16 ساعة بانتظار طائرة؟.أجابه الموظف: يا دكتور، إذا كنت على عجلة يمكنك استئجار سيارة، فرحلتك لا تبعد عن هنا سوى 3 ساعات بالسيارة.رضي د . ايشان على مضض وأخذ السيارة وظل يسير، وفجأة تغيَّر الجو وبدأ المطر يهطل مدراراً وأصبح من العسير أن يرى أي شيء أمامه وظل يسير وبعد ساعتين أيقن أنه قد ضل طريقه وأحس بالتعب، رأى أمامهُ بيتاً صغيراً فتوقف عنده وطرق الباب فسمع صوت امرأة عجوز تقول:- تفضل بالدخول كائنًا من كنت، فالباب مفتوح.دخل وطلب من العجوز المقعدة أن يستعمل تلفونها.ضحكت العجوز وقالت: أي تيلفون يا ولدي؟ ألا ترى أين أنت؟هنا لا كهرباء ولا تلفونات.ولكن تفضل واسترح وخذ لنفسك فنجان شاي ساخنا، وهناك بعض الطعام كل حتى تسترد قوتك.شكر د. إيشان المرأة وأخذ يأكل بينما كانت العجوز تصلي وتدعو وانتبه فجأة إلى طفل صغير نائم بلا حراك على سرير قرب العجوز وهي تهزه بين كل صلاة وصلاة، استمرت العجوز في الصلاة والدعاء طويلاً، فتوجه لها قائلًا:والله لقد أخجلني كرمك ونبل أخلاقك وعسى الله أن يستجيب لك دعواتك.قالت العجوز:- ياولدي أما أنت، فابن سبيل أوصى بك الله.وأما دعواتي فقد أجابها الله سبحانه وتعالى كلها إلا واحدة، فقال د. ايشان:- وماهي تلك الدعوة؟قالت: هذا الطفل الذي تراه حفيدي يتيم الأبوين، أصابهُ مرضٌ عضال عجز عنه كل الأطباء عندنا، وقيل لي أن جراحاً كبيراً قادر على علاجه يقال له د. إيشان، ولكنه يعيش بعيداً من هنا ولا طاقة لي بأخذ هذا الطفل إلى هناك وأخشى أن يشقى هذا المسكين، فدعوت الله أن يسهل أمرى.بكى د. إيشان وقال: والله إن دعاءك قد عطل الطائرات وضرب الصواعق وأمطر السماء، كي يسوقني إليك سوقاً، والله ما أيقنت أن الله عز وجل يسوق الأسباب هکذا لعباده المؤمنين بالدعاء.وأكد أنه حينما تنقطع الأسباب لا يبقى إلا اللجوء إلى خالق الأرض والسماء. وصدق الشاعر عندما قال:أتهزأ بالدعاء وتزدريه ... وما يدريك ما فعل الدعاء اللهم طهرني من الحزن وبعثرة الخطايا وهبني يا الله نسيانا وغفرانا وحقق لي يارب أفضل ما أتمناه وارزقني الفرحه بأيامي القادمة، يارب استجب لي ما أعجز عن قوله أنت أعلم بكل دعوة تحتبس في قلبي ولا أعرف كيف أرفعها إليك، اللهم إنك حسبي ووكيلي وقوتي، وجابر كسري وأنت من يطبب جرحي لا تجعل حاجتي بيد أحد من خلقك واكفني بك يا واسع العطاء. ندعوك اللهم أن تطهرنا من جميع الخطايا والذنوب وأن ترفعنا عندك أعلى الدرجات وأن تبلغنا أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخيرأعمارنا أواخرها وخير أيامنا يوم نلقاك، اللهم اغفر لنا ما مضى من عمرنا وأصلح لنا ما تبقى، ربنا لا تجعل أعيننا صغيرة وضيقة لا ترى إلا الدنيا ولا تجعل قلوبنا ضيقة ولا تفكر إلا بالبشر، اللهم اجعلنا أوسع نظراً وأرقى فكرا، نرى الجنة ونعمل لها قولا وعملاً. وأخيرا، لا أملك إلا أن أردد في نهاية مقالي هذا، قول سيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، أَوْ كَفَّ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ)، اللهم هل بلغت.. اللهم فاشهد.