13 سبتمبر 2025

تسجيل

المستنقع اليمني

29 مارس 2015

لا تمكن قراءة المشهد اليمني بمعزل عن الحالات المشابهة في الصومال وأفغانستان تحديدا، وهي الدول الفاشلة التي تعيش حروبا متصلة منذ أكثر من عقدين من الزمان، لم ينتصر فيها أحد، وكانت النتيجة في البلدين بحرا من الدماء والدموع والفقر والفاقة والمجاعة وتدمير كل شيء.الحالة اليمنية تدخل في نفس النفق، فالحوثيون خاضوا 6 حروب مع نظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ولم يستطع أي منهما الانتصار فيها، وأدت هذه الحروب إلى وضع اليمن في ذيل قائمة دول العالم في كل شيء، خاصة في التعليم، واحتلت المقدمة في الفساد.لقد أخطأ الحوثيون بعدم التوصل إلى توافق مع القوى اليمنية الأخرى، وارتكبوا خطيئة كبرى حينما استولوا بالقوة المسلحة على العاصمة اليمنية صنعاء، في محاولة للسيطرة على مقاليد الأمور هناك، وهو خطأ فادح سيدفعون ثمنه غاليا.لم يكن للحوثيين أن يسيطروا على صنعاء إلا بوجود شكل من أشكال الدعم الإقليمي، أو حتى الرضا على الأقل، من قبل قوى أرادت تصفية من تعتبرهم خصوما تاريخيين مثل حزب الإصلاح التابع للإخوان المسلمين، وبالتالي فقد اختاروا القوة الحوثية لتقويض القوة الوحيدة التي كان بإمكانها أن تقف في وجوههم وتتصدى لهم وتمنع تقدمهم وسيطرتهم على البلاد.هذه القوى الإقليمية نفسها دعمت الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وفرضته على الواقع السياسي، وحصنته ضد كل أنواع الملاحقة على 33 عاما من الفساد والإفساد، وقد أثبت صالح أنه لاعب يجيد اللعب في المناطق الوعرة وليس "فوق رؤوس الثعابين" فقط، والمفارقة العجيبة أن هذه القوى تقف ضد حليفها السابق وهذا يطرح العديد من الأسئلة الكبيرة.حرب الجو أو "عاصفة الحزم" التي تشارك فيها 185 طائرة مقاتلة من 10 دول، تقصف وتدمر "الأهداف المرصودة" مع أن هذه الأحدث قليلة ونادرة، فاليمن بلا أي بنية تحتية تقريبا وينطبق عليه المثل القائل "كما خلقتني يا رب" وهذا المثل يقود إلى مثل آخر وهو بيت القصيد "اللي خايف عليه قاعد عليه"، الذي يعني بكل بساطة أنه ليس هناك ما أخاف عليه، مما يجعل الحرب في اليمن مغامرة محفوفة بمخاطر كبيرة.السؤال المتكرر الذي يطرحه كل المراقبين والمحللين في العالم هو: ما هي أهداف الحرب في اليمن؟ وما هي أهداف عملية "عاصفة الحزم"؟ وما هو الجدول الزمني لتحقيقها؟.هذه الأسئلة الكبيرة تبقى بلا إجابات، فالقول بأن "العملية ستستمر حتى إعادة الأمن والاستقرار لليمن" لا يعني شيئا، فالولايات المتحدة الأمريكية قالت هذا عندما شنت الحرب على العراق، فهل عاد الأمن والاستقرار إلى العراق؟ الإجابة بلا كبيرة، بل تمزق العراق ودخل في حرب طائفية دينية مذهبية مزقته كل ممزق.الوضع في اليمن يحتاج إلى حل سياسي سريع، وغير ذلك فإنه سيتحول إلى مستنقع يغرق فيه كل العرب من المحيط إلى الخليج.