15 سبتمبر 2025

تسجيل

عنف المعارضة المصرية وتجربة حزب الله

29 مارس 2013

منذ أيام تم تسريب مقطع فيديو لأحد قادة جبهة الإنقاذ، وهو الدكتور عمرو حمزاوي، لمحاضرة ألقاها في الولايات المتحدة حول تطورات الأحداث في مصر، يتحدث فيها عن المخطط الذي ينفذه التيار العلماني من أجل الوصول إلى السلطة وتنحية التيار الإسلامي، الذي يمثل أغلبية كبيرة جدا في مواجهة العلمانيين الذين يمثلون أقلية صغيرة لا تستطيع الوصول إلى الحكم عبر الوسائل الديمقراطية الطبيعية. وأشار إلى أن هذا المخطط يتكون من ثلاث مراحل: مرحلتين متوازيتين يتم تنفيذهما منذ نجاح الثورة، تحدث عنهما باختصار، ومرحلة ثالثة لم تبدأ، لذا لم يتحدث عنها. وفيما يخص المرحلتين فإحداهما تتعلق بشيطنة التيار الإسلامي خاصة جماعة الإخوان المسلمين من خلال نشر الشائعات والأكاذيب التي تصورهم على أنهم لا يسعون سوى للاستحواذ على كل شيء، وأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية، فهم فقط يتخذونها وسيلة من أجل الوصول إلى السلطة فقط. أما المرحلة الثانية التي تسير بشكل متوازٍ مع المرحلة الأولى وهي الأخطر، فتتعلق بمحاولة استنساخ تجربة حزب الله في مصر. فحزب الله الذي يمثل أقلية صغيرة في لبنان، لم يستطع من خلال الوسائل الديمقراطية الطبيعية أن يحصل على نصيب كبير من السلطة، فضلا عن أن يقوم بتشكيل الحكومة في بداية دخوله العمل السياسي في تسعينيات القرن الماضي. فقام بإدخال القوة العسكرية التي يملكها في إطار اللعبة السياسية، وتحويلها إلى مكاسب سياسية عبر استخدام العنف الشديد، خاصة ضد الطائفة السنية الكبيرة من أجل إجبارها على منحه نصيبا أكبر من السلطة السياسية. وبالفعل أصبح للحزب الصغير سياسيا ممثلون في البرلمان ووزراء في الحكومة. بعد ذلك انتقل الحزب إلى خطوة جديدة عبر استخدام مستوى أعلى من العنف، يتمثل في استغلال بعض الأحداث السياسية كذريعة لاجتياح بيروت الغربية في 2008، حيث يسكن السنة. بالتوازي مع ذلك قام حزب الله بضم فصائل اجتماعية وسياسية من المسيحيين والشيعة والدروز وحتى السنة لتحالف بقيادته. وذلك حتى لا يظهر أمام المجتمع على أنه يمثل أقلية تمارس العنف ضد الأغلبية. وتحين الفرصة لإسقاط حكومة السنة في 2011 واستطاع تشكيل حكومة يقودها سني تابع له. وبذلك أصبح حزب الله الذي يمثل الأقلية الصغيرة لكن القوية، هو صاحب السلطة الكاملة في لبنان. هذا ما عبر عنه عمرو حمزاوي في تلك المحاضرة حينما قال إننا استطعنا التحول من أقلية صغيرة إلى أقلية "ممكنة" قادرة على التأثير في مجريات الأحداث من خلال العنف الشديد الذي تستخدمه فصائل المعارضة لدفع الأغلبية الإسلامية إلى الجلوس معهم والتفاوض على الحصول على نصيب أكبر من السلطة تحت مسمى "التوافق". وفي الوقت نفسه تسعى المعارضة إلى ضم فصائل أخرى من غير العلمانيين مثل حزب "النور" السلفي الذي تقارب معها بشدة في الفترة الأخيرة بسبب صراعاته مع الإخوان، وكذلك أحزاب أخرى صغيرة لكنها محسوبة على التيار الإسلامي، مثل حزب أبو الفتوح وحزب عمرو خالد وغيرهما. ويبدو أن المرحلة الثانية قاربت على الانتهاء في ظل العنف الشديد الذي شاهدناه في الأسابيع الأخيرة سواء أمام قصر الاتحادية أو أمام مكتب إرشاد جماعة الإخوان، وهو العنف المرشح للتصاعد بشكل غير مسبوق من أجل دفع الإسلاميين للقبول بما تطرحه المعارضة من مطالب بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة تسعى للفوز بها في ظل التراجع الكبير في شعبية الإخوان بعد شيطنة الإعلام لها، وكذلك انضمام بعض فصائل الإسلاميين لها. والسؤال: ماذا يجب على الإسلاميين فعله من أجل إفشال مخططات المعارضة ومنع ظهور حزب الله جديد في مصر؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في المقالات القادمة.