30 ديسمبر 2025

تسجيل

اليوم العالمي لمكافحة الرق

29 مارس 2013

تخصيص الأمم المتحدة ليوم عالمي لإحياء ذكرى ضحايا الرق وتجارة الرقيق، وكما أكدت دولة قطر يعد فرصةً لتذكير المجتمع الدولي بتضحيات من حُكم عليهم بالرق بأشكاله المتنوعة سواء في الماضي أو حتى في زمننا هذا، كما انه وسيلة لتذكير العالم بضرورة بذل المزيد من الجهد للقضاء على هذه الظاهرة، وذلك من خلال القضاء على الممارسات الشبيهة بالرق في الوقت المعاصر بما في ذلك الاتجار بالبشر والتعصب وكراهية الأجانب والتمييز العنصري والعمل القسري. فالرق احدى آفات البشرية الكبرى وأحد أكبر الجرائم التي مارسها البشر ضد بعضهم البعض، فالعبودية أو الرق والذي يعني فقدان الإنسان لحريته بحيث يكون مملوكاً لشخص آخر يتحكم فيه ويجبره على العمل الشاق طوال حياته وبدون اي مقابل عدا طعامه وشرابه الذي بالكاد يقيم به أوده ويمكنه من العمل والاستمرار في الحياة. والعبودية ظهرت منذ فجر التاريخ وقبل نشوء الحضارات، مع تحول الإنسان من مرحلة الصيد الى الزراعة المنظمة كوسيلة لاكتساب الرزق، وكما يقول المؤرخ الكبير ويل ديورانت (بينما كانت الزراعة تنشئ المدنية فإنها الى جانب انتهائها الى نظام الملكية، انتهت كذلك الى نظام الرق الذي لم يكن معروفاً في الجماعات القائمة على الصيد). ومع نشوء الحضارات الإنسانية الأولى التي قامت أساساً على أكتاف الرقيق كقوة عمل أساسية سواء في الزراعة أو في أعمال البناء وإنشاء وتعمير المدن وشق الترع وإقامة الجسور، ويعود الفضل بتشييد المباني التاريخية العظيمة مثل الأهرامات وحدائق بابل المعلقة والمعابد الإغريقية والصروح الرومانية الكبيرة وأهرامات حضارة المايا وغيرها من مبان وصروح عظيمة، لجهود العبيد المستخدمين في أعمال السُخرة. وظاهرة العبودية لم ترتبط بحضارة معينة أو أمة ما بقدر ما كانت ظاهرة عالمية لم تنأى أي أمةٍ بنفسها عنها في أنحاء العالم الأربعة. واسترقاء الرقيق أو العبيد كان في الغالب يتم من خلال أسر الأشخاص من مواطنهم أو أسرهم في الحروب، وتعد القارة السمراء أكثر مناطق العالم والتي تعرضت لهجوم شرس من مقتنصي البشر ونخاسي الرقيق، حتى وصل الأمر ببعض الشعوب لإطلاق لقب زنجي أو عبد على أصحاب البشرات السمراء. وإن شهدت مناطق العالم المختلفة موجات من الرقيق الأبيض والأصفر، منهم على سبيل المثال في العالم الإسلامي المماليك الذين جُلبوا كعبيد من ذوي البشرات البيضاء وهم أطفال من مناطق آسيا الوسطى لتتم تربيتهم في معسكرات معزولة عن العالم تربية عسكرية قاسية. وتحولت ظاهرة الاسترقاق بعد اكتشاف الأوروبيين لأمريكا إلى تجارة دولية كبيرة حولت الملايين من الأحرار إلى عبيد ينقلون في السفن من افريقيا إلى أمريكا ليعملوا في مزارع القطن وفي الخدمة وغيرها من أعمال. ورغم القضاء رسمياً في أنحاء شتى من العالم على العبودية بشكلها القديم، إلا انها ما تزال مستمرة بأشكال كثيرة منها الدعارة والتسول وبيع الأعضاء وأعمال السخرة وإجبار الشباب والأطفال والنساء على حمل السلاح وخوض الأعمال الحربية واستغلال حاجة الناس للعمل والسكن، ويكفي ان العنصرية وهي إحدى نواتج العبودية ما تزال تجد لها نفوساً تحتضنها.