07 نوفمبر 2025

تسجيل

الأمازيغ من الشرق إلى المغرب

29 مارس 2013

لي أصدفاء كثيرون من الأمازيغ ومن الأكراد ومن الأقباط ومن أبناء النوبة، وهذا أمر أعتز كل الاعتزاز به، لكن صداقتي مع هؤلاء الأصدقاء لاتعني أن أجاملهم على حساب ما أتوصل إليه خلال البحث عن الحقيقة، ولا تعني بالطبع أن أتجاهل ما تقوم به حركات سياسية وثقافية أمازيغية وكردية وقبطية ونوبية من دعوات مشبوهة للانسلاخ والانفصال عن الأرض العربية بمفهومها الحضاري الرحب الذي يتسع للجميع، وهنا تبدأ المشكلة، نظرا لأن محاولاتي للتوصل إلى الحقيقة - دون تشنج أو عنصرية مزعومة - تتسبب في إغضاب الذين لا تروق لهم رؤية الحقيقة ولو في وضح النهار، وربما يكون من بين الغاضبين عدد من أصدقائي، وفي هذه الحالة أجد نفسي منطلقا للبحث عن الحقيقة، رغم أني أتألم حقا حين أفقد أي صديق، وأتذكر على الفور ما قاله أفلاطون: سقراط أستاذي وحبيبي، لكن الحقيقة أحب عندي من سقراط! ليس سرا أني منذ سنوات عديدة أقوم برصد دعوات الانسلاخ والانفصال عن الأرض العربية، وهي دعوات مدعومة بالفعل من قوى أخطبوطية عالمية، وعلى سبيل المثال فإني كتبت هنا في الشرق عن دعوات حاقدة، تتحدث عن ضرورة أن تكون لغة مصر العربية هي اللغة القبطية، لأن اللغة العربية - في نظر مطلقي تلك الدعوات - هي لغة العرب المسلمين الذين احتلوا مصر بقيادة عمرو بن العاص! وعلى امتداد الأسابيع الأربعة الماضية بدأت أكتب عن الأمازيغ، حيث كتبت أولا عن قنبلة موقوتة في واحة سيوة المصرية التي يتركز فيها الأمازيغ المصريون، وقد حظي هذا المقال التمهيدي باستحسان كثيرين، أما ما كتبته بعد ذلك بعنوان: الأمازيغ.. ظالمون أم مظلومون؟ فقد اندفع نشطاء أمازيغيون للتصدي له من خلال رسائل تلقيتها عبر بريدي الإليكتروني أو من خلال النشر في وسائل إعلامية مغاربية، والحق أني كنت أنوي اليوم أن أواصل حلقات ما أكتبه عن الأمازيغ، لكني رأيت أن أؤجل ما كنت أنوي كتابته، لكي أستعرض بعض التعليقات، حتى لا أبدو في صورة المتغافل المتجاهل لها. الأمازيغ ظالمون أم مظلومون؟ .. كان هذا عنوان المقال الذي نشرته الشرق يوم الخميس 14 مارس الجاري، وفي نفس اليوم تلقيت عدة رسائل، كانت أولاها من ناشط أمازيغي- جزائري هو صلاح الدين أزواز الذي عرفت منه- فيما بعد- أنه عضو في الحركة البربرية الجزائرية التي ( تطالب  بترسيم اللغة الأمازيغية وإعادة الاعتبار لهويتنا الحقيقية وتمجيد رموزنا وأجدادنا وآبائنا بدل تمجيد أناس مجهولي الاصل والتاريخ)! وقد شاء صلاح الدين أزواز أن يكون عنوان ماكتبه : العرب وأدباؤهم المستعربون.. ظالمون أم مظلومون؟ وبالطبع فإن هدف العنوان واضح، وهو أن يجردني من عروبتي، ويضمني إلى قائمة المستعربين والمستشرقين الأوروبيين! ثم قال الناشط الأمازيغي بالنص ( باديء ذي بدء تقبل مني التحية، وتجاوز عن ركاكة كتابتي باللغة العربية، فهي ليست لغتي وأنا أكرهها وأكره أمتها العربية البدوية المتخلفة.. عن ماذا ننفصل؟ إنها أرضنا وكل شخص يظن أنه عربي ما عليه إلا الرحيل إلى بلاد العرب)! وفي نفس يوم نشر المقال في الشرق، قامت جريدة- ناس هيس- الإلكترونية المغربية بنشره كاملا نقلا عنها، ولا بد أن أذكر هنا – بكل امتنان- أني قد استفدت كثيرا من مقالات تلك الجريدة التي لم أكن أعرفها- للأسف- من قبل، وعلى سبيل المثال فإني كنت أتصور أن جميع الأمازيغ مسلمون، فإذا بي أكتشف أن منهم من هم يهود، يتحدثون العبرية والأمازيغية، ويكرهون اللغة العربية حتى لو كانوا يعرفونها! وبعد أن نشرت –ناس هيس- المغربية مقالي، قامت جريدة – الرأي المستنير- الموريتانية بنشره، وكذلك فعلت جريدة- الحدث الأزوادي- ومعها جرائد متنوعة أخرى، معظمها جرائد أمازيغية، وبعضها جرائد عربية، بل عروبية التوجه، وهذا ما جرى أيضا فيما يتعلق بمقالي المنشور في الشرق يوم الخميس 21 مارس الجاري، وكان عنوانه: الأمازيغ كما رآهم ابن خلدون، حيث نشرته أكثر من جريدة مغاربية نقلا عن الشرق. وإذا عدت الآن لاستعراض التعليقات الكثيرة والمثيرة التي نشرتها –ناس هيس- نجد أن منها من يقول ( اعتنقنا الإسلام ولن نقبل اعتناق العروبة المتوحشة) .. كما نجد أن كل التعليقات المكتوبة باللغة الفرنسية، تصفني بأني كاتب عنصري شوفيني ومتعصب، وفي أجواء التعليق والتعليق المعاكس نجد عدة تعليقات مكتوبة باللغة العربية، ويفاخر أصحابها بأنهم عرب بكل معنى الكلمة، ونظرا لأني أدعو- في كتاباتي بصورة عامة- إلى عدم مهادنة دعوات الانسلاخ والانفصال، فإني سعدت بتعليق جميل، يرد فيه كاتبه على آخرين من المتشنجين ( لا تساهموا بتهوركم في انهيار سقوف بيوتنا، فكل شيء واضح وضوح الشمس، الأمازيغ أمازيغ، والعرب عرب، وكم من أمازيغي تعرب، وكم من عربي تمزغ، وكلنا-في النهاية- شعب واحد، أفلا تنظرون وتعقلون؟! أظن أن هذا التعليق يمكن أن يكون مسك الختام، مع محبتي لكل من اتفق أو اختلف معي بشأن محاولاتي للتوصل إلى الحقيقة.