17 سبتمبر 2025
تسجيلمطر خريفيٌّ.. وجوهٌ مسرعاتٌ خائفة تجري على الطرقات، تطمع بالوصول إلى الديار وتحثُّ أرجلَها لتنجو من فحيح العاصفة وظلالُها تعدو على أرضٍ مخضبة بدم في لحظةٍ.. يطغَى انفجار لم يبقَ من هذي الوجوه سوى ظلالٍ للعدم 2 ) الموج يصرخ هائجَ القُطعانِ يجرفُ ما أمامه إلاَّ حمامة فطنَتْ لِمَا ينوي فطارت للبعيد واجتاحها فرحُ الحياة فرفرفتْ ترجو المزيد كادت تحط على حدود العش إذْ تحلو الإقامة لكنها سقطتْ على أرضٍ تخاصمها السلامة ( 3 ) وأغوص في بحر العيون أصطاد من أعماقه في كل غوصٍ لؤلؤة لكنها في الليل تُفلتُ من يدي لتنام في البحر العميق يبقى بقلبي من ملامستي لها بعضُ البريق فأظل قرب المدفأة متسائلاً عن سر غيبتها وعمَن لا يصون.. ومَن يصون؟ ( 4 ) تنسابُ موسيقى من الأفق المطرز بالنجوم الهائمة تتجمع الأنغامُ حولي أَنهرا مترقرقة فيمسني فرحُ الحياة وأُطلِقُ العصفورَ من قفصِ الضلوع وأنام مبتهجاً لأصحو بعد كابوسٍ يطوقني بحبل المشنقة الصبح يولد ميتاً.. ما من صراخ أو دموع الطائرات تصبُّ سيلَ جنونها فوق البيوت النائمة ( 5 ) ما بين لهفتها وحيرةِ طفلها شبحٌ يحاول أن يعود خوفاً على الطفل اشتهتْ أن تهجر الأرضَ الغنيَّة بالجثث النهر يبكي.. والنخيل يحاول الإفلات من أيدي الجنود يتساءل الحكماء عمَّا قد حدث وكأنهم لا يبصرون دماً على أرضِ تطالبها القنابلُ بالسجود أمٌّ وطفلٌ.. يسقطان على الحدود ولم يعد لهما وجود ( 6 ) يغفو الفَراشُ على فِراش الورد حيناً ثم يحمله الهواء ورفيفُ أجنحةٍ ملونةٍ بنورِ الروح إن سطَعَ الأمل والنحل يرشف من كؤوس الزهر تُسكره القُبل لكنَّ عيني تستفيق على موائدَ من دماء فوراء كل غزالةٍ.. تعدو الذئابُ بلا انتهاء والأرض تنصتُ للعواء! ( 7 ) للأرض جاء الأنبياء من السماء جاءوا بأحلامٍ منورةٍ وأشواقٍ إلى لغةٍ بها يتنفسون ويفوحُ من هالاتِهَا عطرُ المحبة والنقاء لكنَّ من يتجبرون توضأوا بالزور واندفعوا لِمَا يتصيدون غابت وجوه الأنبياء والأرض عادت غابةً حمراءَ تكسوها الدماء!