30 أكتوبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كان ابن سفيان مثل علماء عصره موسوعة فلسفية وعلمية فذة، له باع طويل في شتى مناحي الفكر والفلسفة والفلك والطبيعات والطب والرياضيات.وذات يوم فوجئ الحاضرون في مجلس العالم والمفكر "سيبويه" عندما أقبل عليه ابن سينا يحمل في يده شكلاً أسطوانياً وراح يلوح به ويتحدث بغرور وخيلاء عن قدرته الفائقة في الرياضيات وكيف استطاع التوصل بالقياس العقلي لمعرفة مساحة الأسطوانة.. ثم قذف بها.أما سيبويه فقال له بأسلوب يجمع بين التحدي والغرور: هل تستطيع أن تحسب مساحة هذه الأسطوانة؟وبينما راحت الدهشة تلف ألباب الحاضرين، التقط سيبويه الأسطوانة وهو يتأمل ابن سينا وأعادها إليه برفق قائلاً: إنك أحوج إلى إصلاح خلقك مني إلى معرفة مساحة هذه الأسطوانة.هذا الموقف على جماله وعمقه وروعته إنما يريد القول ببساطة: إنه جميل أن تعرف وتعلم، بل ومفيد جدا لك وللناس وللمجتمع والإنسانية.. لكن مهما بلغت درجة عالمية من المعرفة والعلم.. ومهما سطع نجمك فليس معناه أن هذا يبيح لك التهكم على الغير والتعالي والترفع والغرور.فأنت مهما بلغت درجة من العلم والمعرفة والثقافة فإن ذلك هو نقطة في محيط.. وحبة رمل في الصحراء.. والحقيقة أنه كلما تزداد علما تزداد جهلاً واذكر قول الحق تعالى "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"، فأنت في نظر الجميع ويجب أن تكون في نظرك أنت أولا – لا يعلو مقامك بما تعلمه وتعرفه ولكن عندما تزين علمك ومعرفتك وثقافتك بباقة من التواضع واحترام الذات والآخرين، هذه الباقة بأريجها الفواح الذكي هي طريقك ورسولك إلى أنوف الآخرين وقلوبهم وعقولهم، وهي التي تمنحك عطر الاحترام وتتوجك زهرة في بستان محبتهم.هذا عن العلماء وأهل العلم والمعرفة.. فما بالك عن أدعياء العلم والمعرفة والثقافة وهم كثر.هؤلاء الأدعياء الذين يضفون على أنفسهم مكانة عالية من صنع أوهامهم وأحلامهم يصنعون لأنفسهم ثوباً أوسع بكثير من حجمهم.ولا يكتفون بذلك بل يمنحون أنفسهم حق تقييم الآخرين والناجحين والحكم عليهم، ماذا يمكن أن يقال في هؤلاء؟لست أدري كيف يمكن أن يفهموا أن العلم هو الفضيلة والجهل هو الرذيلة كما قال فيلسوف اليونان سقراط.فالعلم والأخلاق لا ينفصمان.. ونحن كثيراً ما نصادف في حياتنا مثل هذه النماذج من الأدعياء وأننا نحار كثيراً إزاءهم ونلزم الصمت أكثر إزاء تدخلاتهم ولا نرد عليهم ليس عن عجز وإنما عن عفة.ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي الذي قال:إنما الأمم الأخلاق ما بقيتإذا هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا