11 سبتمبر 2025

تسجيل

قرصنة على الطريقة الروسية

29 فبراير 2004

ما بين أمس الأول والأمس أقدمت روسيا على احتجاز مواطنين قطريين يمثلان اتحاد المصارعة القطري لدى مرورهما في مطار موسكو قادمين من جمهورية بيلاروسيا في طريقهما إلى جمهورية صربيا للمشاركة في بطولة رياضية هناك. وذكرت مصادر صحفية أنها وجهت لهما تهمة صلتهما بتنظيمات مسلحة تعمل في الأراضي الروسية. يظهر أن توالي الأحداث وانفضاح الدور الروسي في هذه العملية وتوالي هجمة الصحف الروسية خلال اليومين الماضيين والتي اتهمت روسيا بضلوعها في اغتيال "ياندرباييف" وبفشلها الذريع في هذه الفضيحة التي أساءت إلى روسيا وإلى علاقاتها الدولية، كل ذلك جعل السلطات الروسية تفقد صوابها وتقوم بحركة غير مسبوقة في العلاقات الدولية تمثلت في القبض على المواطنين القطريين على طريقة قطاع الطرق. ويبدو أن الروس لم يكتفوا بفضيحتهم في قضية اغتيال "ياندرباييف"، بل زادوا عليها قرصنة واختطافاً لمواطنين قطريين لغرض بات الآن مفضوحاً ومكشوفاً وهو مقايضة القطريين بالمتهمين الروسيين في اغتيال الرئيس الشيشاني السابق ياندرباييف. التخبط وانعدام الحس السياسي لروسيا في التعامل مع هذه القضية يبدو واضحاً، وأعتقد أننا سنواجه معضلة في كيفية التعامل معها. فروسيا يبدو أنها قد داست على كافة القوانين والأعراف الدولية التي تحكم العلاقات بين الدول، وأننا سنجد صعوبة في إيجاد أرضية للتفاهم الحضاري معها بعد أن انحازت إلى قانون الغاب. كما أنه من شبه المؤكد أن الجهة التي نفذت القرصنة على المواطنين القطريين ليست هي الجهة التي قررت إرسال وفد من المحامين إلى قطر للدفاع عن المتهمين في قضية اغتيال ياندرباييف. فهل نحن أمام صراع قوي داخلي في روسيا؟ أم أنها مناورة روسية للحيلولة دون مثول المتهمين الروسيين أمام المحاكم القطرية والتي يقال إنها ستكون "علنية"؟ أم أنها استمرار لمحاولتها تصدير مشاكلها الداخلية للخارج؟ من المؤكد أن القيادة الروسية تتخبط في قراراتها. فهي أخطأت في حساباتها عندما حاولت أن تجعل الأراضي القطرية مسرحاً لتصفية مشاكلها الداخلية، وأساءت تقدير كفاءة وقدرة أجهزة الأمن القطرية في الكشف عن ملابسات التفجير والقبض على الجناة، ويبدو اليوم أنها أخطأت مرة أخرى في دبلوماسية الغاب التي انتهجتها. فهي خسرت أولاً سمعتها وسمعة جهاز مخابراتها، وخسرت ثانية في علاقاتها وشعارها المزعوم بالتمسك بـ "الأعراف الدولية"، وستخسر ثالثا إذا ظنت أن القرصنة والمقايضة ستجدي نفعا في الضغط على قطر.