11 سبتمبر 2025
تسجيلأمامي قصاصة من صحيفة عربية بها حكاية الإيراني نوروز برقي الأستاذ الجامعي في القانون الدولي، الذي ذهب إلى كندا في دورة قصيرة لدراسة اللغة الإنجليزية، فامتطى طائرة من باكو في أذربيجان إلى مونتريال، في رحلة استغرقت 24 ساعة، أعقبتها وقفة قصيرة في مطار مونتريال بكندا، ثم رحلة داخلية إلى وجهته النهائية وهي هاليفاكس بمقاطعة نوفاسكوشيا، وكان برقي منهك القوى الجسدية والعقلية، ولاحظت المضيفة ذلك، فحاولت مساعدته في وضع حقيبة يده على الرف العلوي، ولأن الحقيبة كانت تنتمي إلى عصر ما قبل الخميني، وكانت تنوء بحمولة كبيرة كعادة الكثيرين منا الذين يتفادون دفع قيمة أمتعة السفر الزائدة، بحمل الأشياء الثقيلة في حقيبة اليد، فقد طلب برقي من المضيفة أن تكون حذرة لأن الحقيبة قد تنتفخ وتتبعثر محتوياتها، وبسبب ضعف إلمامه باللغة الإنجليزية، فقد استخدم كلمة «إكسبلود – تنفجر» بدلاً من كلمة «أوبن – تنفتح»، ولأن ملامحه شرقية والجينات الإرهابية كانت تطفح من وجهه، خاصة وأن إيران تعلن مرارا عن حرصها على تصدير ثورتها، فقد صرخت المضيفة: يا لهوي، الشنطة فيها متفجرات (بالإنجليزية طبعاً) واندفعت نحو رجال الأمن. وكان ذلك قبل الإقلاع بقليل، وخلال ثوان قليلة كان نوروز برقي مكلبشاً بالحديد، وانطلقت صرخات «يا لهوي»، من حناجر عشرات المسافرين الذين تنبهوا إلى وجود مسلم (أي إرهابي) على الطائرة، واقتيد برقي إلى مخفر الشرطة حيث قضى شهراً في حبس انفرادي، (وهو الذي جاء إلى كندا لمخالطة الناس وتعلم الإنجليزية) وانتهت معاناته بغرامة قدرها 6500 دولار، هي خسائر شركة الطيران عن تعطل الرحلة التي كان برقي على متنها، وبعد خروجه من السجن وسداد الغرامة لم يبق مع الأستاذ الجامعي برقي ما يكفي حتى للسكن في فندق بدون نجوم، فلجأ إلى مسجد تديره الجالية الإيرانية في مونتريال، في انتظار أن يجمع فاعلو الخير قيمة تذكرة عودته إلى طهران. ومن المؤكد أنه استفاد لغوياً من تلك التجربة وأنه لن ينسى طوال حياته أن «إكسبلود» تعني «ينفجر»، ولو كنت محامي برقي لأحضرت معي إلى المحكمة قاموساً إنجليزياً، لعرضه على شركة الطيران بما يؤكد جواز استخدام كلمة «إكسبلود» للتعبير عن الانفتاح المفاجئ والمدوِّي للشيء المغلق، وللتعبير عن الضحك أو الغضب الشديد، وحتى عن الشبع الزائد، (حتى باللغة العربية نقول انفجر ضاحكا/ باكيا/ غاضبا). ولكن ما يجوز للخواجات لا يجوز لنا، فبعد أحداث سبتمبر 2001، تكلم الرئيس بوش عن «كروسيد» لمكافحة الارهاب، ومعناها في القاموس «حرب صليبية»، ولما هاج بعضنا، قيل لنها إنه استخدم الكلمة مجازاً بمعنى «الحملة التي لا هوادة فيها»، فصدقناه، أما عندما اقترب صديقي بإنجليزيته العاجزة من فتاة كانت تقف في محطة حافلات في لندن ليسألها بأدب ما إذا كان الباص الذي تنتظره يذهب إلى كامدن تاون، وبدأ جملته بـ «سكويزمي» فقد نال صفعة على وجهه، وكان من حسن حظه أن الفتاة لم تكن من النوع الذي يصرخ «يا لهوي»! كان المسكين يعني أن يقول لها: «إكسكيوزمي» وتعني: لو سمحتِ/ من فضلكِ، ولكنه جعلها «سكويزمي» ومعناها ضميني وأعصريني عصرا!! وعندما ذهبنا إلى لندن لأول مرة التقينا في حفل عام نظمه المعهد الذي كنا ندرس فيه أصول العمل التلفزيوني بشابة، كان واضحا انها بارعة في هذا المجال وأبدت استعدادها لمساعدتنا في «مشاريع التخرج»، فقد كان كل واحد منا ملزما بإعداد فيلم قصير، يُظهر فيه مهاراته الفنية، وحرص أحد زملائنا العرب على الاستعانة بها وطلب منها أن تعطيه ال «دريس/ dress، أي فستانها، ولكنها ضحكت بدلا من تصفعه واعطته «هار أدرس address، أي عنوانها البريدي.