18 سبتمبر 2025
تسجيليا لها من جلسة حوارية مفيدة وثرية بالمفاجآت انتظمت عصر يوم الأربعاء 24 يناير في ملتقى "دافوس" الثامن والأربعين ونشكر جزيلا قناة الجزيرة مباشر التي نقلتها على المباشر كدليل إضافي على المستوى الاحترافي الرفيع للقناة التي لا تتردد في نقل تصريحات وزراء دول الحصار دون أي حرج أو قص أو تعتيم، بل على العكس جزى الله خيرا المشرفين على الجزيرة مباشر لأنهم مكنوا الجمهور العربي والعالمي الواسع من متابعة المواقف الرسمية لدول الحصار الثلاثة الخليجية إزاء محور الجلسة الحوارية وهو (مناهج إعادة التوازن لمنطقة الشرق الأوسط). أولا نلاحظ المستوى العالي للشخصية التي أختارها دافوس لإدارة الحوار بين الحاضرين وترتيب الأسئلة الموجهة لهم مباشرة وهذه الشخصية هي أكبر كاتب الافتتاحيات في الصحف الأمريكية (توماس فريدمان) والخبير في الشرق الأوسط بكتب عديدة أصدرها منذ عقدين الى اليوم والذي عرفناه في مؤتمرات الدوحة للديمقراطية والتنمية وتحالف الحضارات تلك المؤتمرات التي كانت دولة قطر سباقة لتنظيمها في التسعينيات وشكلت منابر عالية المستوى شارك فيها أقطاب سياسيون ومفكرون من كل القارات وبوأت تلك الحوارات الراقية دولة قطر منزلة الدولة الرائدة في جمع الفرقاء الفكريين المتضادين أو الخصوم من أجل الاتفاق على ما يجمعهم وتأجيل ما يفرقهم.. نعود إلى جلسة الأربعاء في "دافوس" التي شارك فيها من المملكة السعودية وزير الخارجية عادل الجبير ومن الإمارات وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش ومن مملكة البحرين وزيرها للخارجية خالد بن أحمد آل خليفة، كما شارك فيها من يمثل الاتحاد الأوروبي وهي السيدة أورسولا فون دير لاين وزيرة الدفاع الألمانية وشارك ممثل عن الحكومة التركية.. وبالطبع فإن اختيار هذه الشخصيات لم يكن اعتباطيا، بل اجتهد منظمو دافوس لجمع أغلب "اللاعبين" اليوم في أزمة الشرق الأوسط -مع أننا كنا نأمل توسيع دائرة المدعوين من أجل تحليل أكثر موضوعية وشمولا...- المهم في هذا اللقاء هو أن التخبط الدبلوماسي ميز مداخلات وزراء السعودية والامارات والبحرين! كيف ذلك؟ أولا سجل المتابعون من إعلاميين وسياسيين كانوا حاضرين في الجلسة أن الأسئلة التي طرحها السائلون على الوزراء الثلاثة كانت تتعلق بالدور الإيراني وبأزمة الخليج وبالحضور العسكري الأمريكي وبالحصار المضروب على قطر وبتواجد قوة عسكرية تركية في قطر، وجاءت أجوبة الوزير البحريني غريبة نوعا ما، لأن الوزير أسر للحاضرين بأن البحرين كانت محطة لعبور الجسر الجوي الأمريكي بين الولايات المتحدة وإسرائيل أثناء حرب رمضان (6 أكتوبر 1973) مضيفا أن الحرب كانت بين مصر وسوريا من جهة، وإسرائيل من جهة ثانية، وأنا شخصيا أعترف أنني لم أكن أعرف هذه التفاصيل بعد عقود من حرب رمضان! ثم تكلم كل من عادل الجبير وأنور قرقاش عما سمياه عقيدة تصدير الثورة والمنصوص عليها في الدستور الإيراني وأعلنا أن غاية المملكتين هي "تغيير السياسات الإيرانية حتى تصبح إيران دولة عادية مثلها مثل الدول الأخرى"!! وبالطبع فإن السياسيين الحاضرين يدركون أن هذا المنطق يعتبر غريبا في العلاقات الدولية لأن هذه العلاقات مفترض فيها أن تحترم كل دولة سيادة الدول الأخرى ولا تعلن عن إرادة تغييرها! وتطرق الوزير قرقاش إلى نفس المنطق، كما حاول الوزير السعودي تبرير ما سماه أحد السائلين "الفشل في إدارة الحرب في اليمن" فقال: إن الغاية هي ألا يتأسس "حزب الله" الثاني في اليمن. وتكلم المسؤول التركي عن تواجد قوة عسكرية محدودة في قطر فقال إن ذلك تم تطبيقا للاتفاقيات السابقة بين الدولتين، وأن أنقرة لا توجه قوتها ضد أية دولة خليجية، وذكر بأن بلاده عضو في حلف الناتو وأن غايتها اليوم من تواجد قواتها في سوريا هو مكافحة الإرهاب الذي يهدد العالم ولا يعترف بالحدود، كما أكد تأييد تركيا لجهود دولة الكويت وأميرها للسعي لوضع حد للأزمة وإنهاء الحصار. أردت ألا تفوت الفرصة على المراقبين للشأن الخليجي لكي يرجعوا تسجيل هذه الجلسة حتى يتأكد من لا يزال لديه شك من أن دولة قطر حتى ولو غابت عن هذه الجلسة بمن يمثلها، فقد كانت المنتصر بالحق وبالقانون الدولي على أخطاء من يحاصرها ولا يجد حججا ولا براهين للدفاع عن أخطائه.