16 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أحسب أن إدارة واشنطن لفك ارتباطها مع الإقليم يجري على قدم وساق وبشكل مواز مع تواطؤ أمريكي لافت مع التحركات الروسية والإيرانية في سوريا، فكل ما نسمعه من تصريحات لمسؤولين أمريكيين بشأن دعم المعارضة المعتدلة لا تستحق عناء المتابعة لأن واشنطن تكتفي بالتزاماتها اللفظية التي لم تعد تعني الكثير في ظل التغيير الكبير في موازين القوى في الشرق الأوسط والتردد باهظ الكلفة للرئيس أوباما.. وزاد من الطين بلة افتقاد الرئيس أوباما لإستراتيجية واضحة في التعامل مع الملف السوري واكتفى بخطوات على سبيل ردة الفعل ولم يقنعنا أبدا بأن بلاده تمتلك زمام المبادرة.ومع أن واشنطن هي اللاعب الأقوى بالإقليم إلا أنها تتصرف وكأنها دولة ضعيفة، وعليه لا يمكن الاطمئنان للنصائح التي تقدمها لحلفائها التقليديين، فهي في حقيقة الأمر ليست مجرد نصائح وإنما محاولات لتطويع السعودية وحلفائها للقبول بحل يلبي الكثير من مطالب روسيا وإيران في سوريا. ونتذكر هنا وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه ديان عندما كان يقول إن واشنطن تقدم لبلاده مساعدات ونصائح وتكتفي إسرائيل بقبول المساعدات! وإذا كانت إسرائيل التي كانت تعتمد في بقائها على المساعدات في تلك الفترة ترفض نصائح واشنطن فكيف يمكن لهذه النصائح أن تُحترم في بلدان لا تتلقى أي مساعدة من واشنطن؟!لم تكن الولايات المتحدة القوة الوحيدة التي تقدم نصائح بقصد التطويع، وهنا يحضرني آخر رئيس للاتحاد السوفييتي ميخائيل غورباتشوف عندما قدم نصيحة لحافظ الأسد بالتخلي عن فكرة التوزان الإستراتيجي ومحاولة استعادة الجولان المحتل بالمفاوضات، فبعد خروج مصر من معادلة الصراع مع إسرائيل إثر توقيعها على اتفاقيتي كامب ديفيد حاول الرئيس الأسد تبنى نهج يحقق لبلاده التوزان مع إسرائيل. بدا حينئذ واضحا أن الاتحاد السوفييتي على طريق الانكفاء والتسليم بهزيمة الحرب الباردة أمام الولايات المتحدة، بعدها تخلى الاتحاد السوفيتي عن كل حلفائه في المنطقة بالرغم من وجود معادهدات صداقة وأخرى إستراتيحية.آخر النصائح المقدمة حديثا هي تلك النصيحة التي جاء بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وفيها يحث السعودية على إجراء مفاوضات مع إيران، والمفارقة أن كيري يتناسى أن تمكين إيران أو (حسب التعبير الدارج) تمكين الشيعة جاء بمساهمة أمريكية كبيرة، وما كان لإيران أن تستمر بالتنمر والتدخل في شؤون الدول العربية لولا غض إدارة أباوما الطرف عما تقوم به منذ أن قامت أمريكا بالإطاحة بنظام الحكم العراقي.. زيارة جون كيري للسعودية ونصيحته بأن تجري السعودية مفاوضات مع إيران ربما جاء كتوطئة – على الطريقة السوفييتية – لفك الارتباط مع دول الخليج وبخاصة بعد أن تراجع اهتمام الإدراة بالنقط الشرق أوسطي.هناك تفكير سائد في دوائر صنع القرار في أكثر من عاصمة عربية يفيد بأن الرئيس الأمريكي القادم وبصرف النظر عن هويته الحزبية سيكون أكثر حسما من أوباما، ولذلك يجادل البعض بأن على الطرف العربي السني أن يصمد حتى تتغير الإدارة الأمريكية بعد عام بالتمام والكمال. لا أعتقد أن هذا التفكير هو سليم لأن فترة عام هي طويلة جدا وربما تتمكن روسيا من إحداث تغيير كبير في سوريا ليس في صالح الشعب السوري المتعطش للاستقرار والهدوء والحرية.لو كنت بمكان من ينصح لقلت إن على الجانب العربي السني ألا يستبعد فكرة التفاوض مع إيران لكن على أن يتملك زمام المبادرة والفعل في كل الساحات التي تتواجد بها إيران حتى تعرف إيران أن هناك بالفعل قوى مضادة ذات تأثير يصنع الفارق، ولا يبنغي على الجانب العربي التوقف عن إضعاف إيران إلى أن تكون هناك مفاوضات جادة تدفع طهران احترام سيادة الدول العربية كلها.ربما من المبكر الحكم على جولة المفاوضات بين النظام السوري وقوى المعارضة، غير أن الواقع، يشير إلى الاعتماد على التزامات ومواقف أمريكية اللفظية سيكون مكلفا لأنه بالفعل هناك من ينصح إدارة أوباما باحتضان إيران، ويبرز هنا الكاتب الأمريكي الشهير فريد زكريا الذي يقال إنه أقنع أوباما بالتعاون مع إيران بدلا من التعاون مع السعودية .وأمام هذا المشهد المعقد بات لزاما على الدول الرئيسة (تحديدا السعودية وتركيا) أن تغير من مقارباتها لصالح دعم الثوار بأسلحة نوعية تصنع الفارق في المواجهات مع كل المليشيات الشيعية المدعومة على أرض الواقع من روسيا وإيران. أخشى ما أخشاه أن يتمكن كيري من تطويع العرب بنصائحه الخبيثة وبعدها سيأتي يوم نستفيق فيه على انسحاب أمريكي كامل وتسليم سوريا إلى روسيا وإيران.