29 أكتوبر 2025
تسجيليقول الإمام الغزالي رحمه الله "إن اختلاف الخلق في الأديان والملل، ثم اختلاف الأئمة في المذاهب، على كثرة الفرق وتباين الطرق، بحر عميق غرق فيه الأكثرون، وما نجا منه إلا الأقلون، وكل فريق يزعم أنه الناجي" أ.هـ. مما لا "شك" فيه أن الإلحاد مصيبة بحد ذاتها، ومرض ما وصل إليه العقل إلا بعد مراحل من التيه المعتم والضلال الأعمى، ولكن لعل المصيبة الحقيقية تكمن في أن يكون الفكر اللاديني صرعة، وعامل جذب لفئة عمرية حساسة، غضة ربما، شدها ذلك بشكل أو بآخر، قد يكون دون اقتناع تام، وعقل متشرب لهذه الآفة، ولكن كتقليدٍ لرمزٍ ربما، أو حتى كلمة. وعندما أقول "كلمة" فإنني أعني هنا، اختلاط الفكر الإلحادي بالأدب، أكان شعرًا أو نثرًا، ولأن الأدب سحر للألباب، فإن ذلك يعتبر مؤثراً أساسياً وهاماً على المتلقي كفئة متضررة، خاصة إن كان توجه ذلك العمل الأدبي "لا دينيا". فمن جانب الإعجاب بالكاتب الفلاني، ينتهج "سين" من الناس الطريق ذاته، دون الوعي أنه الطريق الخطأ، الذي لا نهاية له سوى الجحيم، وبتزمت فكري قبيح، نرى ذات القلم في عناد ودفاع مستميت لفكرة ملتهبة، صنعها إبليس في رأس التابع المسكين، ما فطن لحظتها أن الفكرة نفسها ودت لو أنها ما خُلقت يوماً، يقول الإمام الغزالي "لعل وراء إدراك العقل حاكماً آخر، إذا تجلى كذب العقل في حكمه كما تجلى حاكم العقل فكذب الحس في حكمه، وعدم تجلي ذلك الأمر لا يدل على استحالته". إن التحرر من الدين، هو تحرر من الفكر والخُلق والفطرة والصواب، بمعنى أو بآخر هو اللبنة الأولى للانحلال والعيش في حياة خالية من الضوابط والأحكام الشرعية أو حتى الأعراف والتقاليد. فإذا جاءنا محمد عليه الصلاة والسلام بدينٍ يتمم مكارم الأخلاق، فكيف نحيا الأيام والسنوات ننبذ العقيدة والأخلاق، لنختار النقص البائن، والقصور المريع..! كيف نرتضي الإلحاد وهو الخلل في العقيدة، لنرتضي بعده أي خلل يتبعه في الخُلق، كالشذوذ والسُكر وغيره من الانهيار في القاعدة الرئيسية للمجتمع وأفراده.. ثم إذا كان هذا الانصياع الشائن للإلحاد في ظل عدم وجود فتن كقطع الليل المظلم كان قد تكلم عنها النبي صلى الله عليه والسلم، كيف إذن سيكون الانصياع للفتنة الأعظم، وأعني فتنة الدجال..!؟ (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا).. إن العيش في الحياة دون إطار ديني، هي حياة بائسة، لا سعادة تتخللها ولا رضا أو ارتياح، لعل ذلك الفكر المختل سيكون مطرقة من وجل وشك، تنتهي بصاحبها إلى الضياع، ومن الضياع إلى الموت التراجيدي. اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك.