10 سبتمبر 2025
تسجيلالإنسانية لها عين واحدة ترى بها الإنسان، نظرة واحدة لا تختلف، وإن اختلف هو في الشكل واللون والقدرة، في الميول والأطباع والتصرفات، إنه الإنسان الذي له حق الحياة الكريمة، وله الحق في العيش بمساواة مع إنسان آخر مثله، له ما له من الحقوق، وعليه ما عليه من الواجبات.ولأن الحياة لا تمشي على إيقاع واحد، فإنها تتشكل كما يتشكل الناس، هي ليست بصورة واحدة للجميع، و لكنها تختلف من شخص لآخر، و على ذلك، فإننا نجد الشخص السليم في البدن وفي العقل، وآخر سليما في البدن وعاهته عقله، وآخر سليم العقل وعاهته في جسده، وقد نجد آخر سليما في بدنه وعقله وعاهته همته وعزيمته، وهكذا تسير الأيام ، ولكل ذي حق حقه.ولأننا نعيش في دولة قطر، على أرض الخير والإنسان الذي لا يُحاسب بأن كيف خُلق، و لكن بعطائه، قدرته على البذل والتطوير، بغض النظر عن قدرات الفرد المتفاوتة، فإنها لم تغفل شريحة مهمة في المجتمع، أفراد لا يختلفون عنا في التفكير والعاطفة والعطاء والوطنية، ولكن يكمن اختلافهم في طريقة التعبير، إنهم يستخدمون لغة أخرى غير تلك التي نستخدمها، ضجيجهم الذي في داخلهم لا يختلف عنا البتة، وإن كان السكون يلفهم، إنهم نحن، نحن ولكن بصمت.فقد أنشأت وزارة الداخلية خدمات الطوارئ للصم والبكم 992 ، تتيح لهم ما أُتيح لغيرهم من الاتصال على 999 ، من إبلاغ عن حادثة، أو الاتصال بالشرطة، أو الحاجة للطوارئ تحت أي ظرف، إذ أنها وفرت هذه الخدمة عبر ثلاثة طرق يمكن أن يستخدمها الأصم في حالة رغبته في التواصل:1) عن طريق البريد الإلكتروني، فقد تم تخصيص بريد خاص للصم، يذكرون فيه الحالة، المكان، و جميع التفاصيل التي تخص الحادثة.2) عن طريق الرسائل النصية القصيرة.3) الاتصال المرئي، حيث يعتمد التواصل بلغة الإشارة عبر الصوت والصورة، فقد تم إعداد كادر مؤهل ، يستطيع التخاطب بلغة الإشارة بالتعاون مع المركز القطري الثقافي الاجتماعي للصم.إن دولة قطر بهذه الخطوة قامت بالتوازن المطلوب، في مجتمع لأفراده نفس الرغبة في العطاء، و المساهمة في بناء قطر المستقبل، إنها البلد التي تنمّي قدرات أبنائها دون تمييز، إننا نتكيف بذلك مع الجميع، كما أن هذه الخدمة وفرت فرص عمل للصم في مجالاتهم التي قد يبدعون بها أكثر من غيرهم، و يتميزون بها لخبرتهم و قدرتهم على التواصل بلغة الإشارة.و لعل هذه الخطوة الإنسانية العظيمة، تعتبر الأولى في الشرق الأوسط، إذ تدمج الفئات على اختلافها في المجتمع، و تكسر حاجز العزلة الذي قد يعيشه الشخص الأصم، إنها تُخرجهم بذلك من عالمهم إلى عالم آخر، و تشجعهم على اللحاق بركب الحضارة والتطور.