15 سبتمبر 2025

تسجيل

الحمد لله رب العالمين

29 يناير 2012

أحببت أن يكون عنوان مقالي اليوم كلمة: (الحمد لله)، هذه الكلمة البسيطة في نطقها الكبيرة في حجمها فكم مرة رددنا فيها هذه الكلمة، وكم مرة مرت بنا مواقف وأحداث قلنا بعدها (الحمد لله)!، وكم مرة شعرنا بوقع هذه الكلمة على مسامعنا، آلاف المرات أو ربما أكثر!. والأكيد أن لتلك الكلمة التي اعتدناها وقعا آخر ومذاقا آخر، نشعر به عندما نرى مصائب الآخرين أو نرى أثر نعمة الله علينا، وغيرنا محروم منها وما جعلني أقول بكل كياني وأردت أن أشرك قارئي العزيز في حمد الله ونعمته على حالنا هو ما رأيته منذ عدة أيام أثناء تناولي طعام الغداء بأحد المجمعات الشهيرة بصحبة أولادي، وإذ بي أنظر على الطاولة المجاورة لطاولتي لأرى رحمة الله علينا ولأتذكر في لحظة واحدة كل نعم الله علينا لأجد نفسي أقول وبصوت مرتفع الحمد لله الحمد لله. رأيت امرأة ابنتها على كرسي متحرك في حالة شلل رباعي، عافانا وعافاكم الله، لا تستطيع أن تتحرك بتاتا، رأسها مثبتة بطريقة طبية على الكرسي، ومركب لها أجهزة قياس ومتابعة الكترونية في الكرسي وأخرى تبدو للتنفس والوظائف الحيوية الأخرى. كانت الأم وبسعادة بالغة تحضر لها طعامها وهو عبارة عن روب تخففه بالماء لكي تضعه في إبرة بلاستيكية كبيرة الحجم وتطعمه لابنتها المريضة، لا أعلم ما الذي جعلني أقف في مكاني أتابع المشهد باهتمام بالغ، وهى تطعم ابنتها بيدها وتعدل من وضعها وتنظف لها ما يقع على ملابسها دون تأفف أو ضيق، والابتسامة لا تفارق وجهها، هي بنفسها تفعل كل شيء دون الاستعانة بخادمة، تفعله برضا بقضاء الله وقدره وحكمته في هذا الكون، شعرت وقتها أننا في نعم لا حصر لها وأننا نملك الكثير من كل شيء، دون أن نشعر بنعم الله علينا. نظرت وقتها لأولادي وهم يتناولون الطعام وكأنى أول مرة أراهم يأكلون، شعرت أن مجرد تناول الطعام نعمة لا بد أن نحمد الله عليها، وأن كل ما نحن فيه نعم من عند الله، لا نشعر بها إلا عندما نرى مَن حرم منها أو نحرم نحن منها، فعندما زرت أخي في المستشفى بعد أن شفاه الله وعافاه، ورأيت المرضى والإصابات في الغرف المجاورة شعرت بقدر الصحة ونعمتها ونعمة النوم في بيوتنا في راحة وسلام. وأيضا عندما نسمع عمن في السجون نشعر بقيمة الحرية والحياة، وعندما نسمع عن الأوطان التي افتقدت الأمن والأمان نشعر بقيمة ما نحن فيه في بلادنا من أمان واستقرار ورغد في العيش نقول: الحمد لله. وعندما نزور القبور نحمد الله، على أننا ما زلنا إحياء نرزق بين أهالينا، وعندما نرى الفقراء نحمد الله على نعمة المال والغنى، وعندما نرى مَن فقد عقله وأصبح بلا هدى، نحمد الله على نعمة العقل ونعمة التفكير، وعندما نرى أهل الديانات الأخرى نحمد الله على نعمة الإسلام وكفانا بها نعمة من بين كل النعم الأخرى. فما أكثرها من نعم وما أغلاها، فإذا أردت عزيزي القارئ أن تعرف نعم الله عليك انظر إلى غيرك ممن ابتلاهم الله وقتها ستجد نفسك راضيا وقانعا جدا بما أعطاك الله وتقول: الحمد لله. وقتها سترى الحياة بمنظور آخر، وستجد السعادة بحالك الذي أنت عليه أكثر من أي وقت قد مضى، ووقتها سترى نعما لم تكن تراها من قبل، ورضا لم تشعر به من قبل. وأخيرا عزيزي القارئ أغلق عينيك واسترخ واترك كل شيء خلفك، الأولاد والزوجة أو الزوج والعمل والمال والسيارة والهاتف وكل وسائل الاتصالات وكل متاعب الحياة، واجلس بمفردك وتأمل نعم الله عليك، وحاول أن تحصيها، إن استطعت، وقتها ستشعر بمعنى كلمة الحمد لله كما لم تشعر بها من قبل.. فالحمد لله رب العالمين على كل شيء. [email protected]