17 سبتمبر 2025

تسجيل

ملامح السياسة الخارجية في عهد جو بايدن.. عودة للقيم

28 ديسمبر 2020

تخرج الولايات المتحدة يوم 20 يناير 2021 من عهد ترامب، لتدشن عهد بايدن، وهو تحول ليس بالهين أو البسيط، كما قالت الواشنطن بوست، حين أعلنت يوم 22 ديسمبر اختيار بايدن للسفيرة الجديدة لدى منظمة الأمم المتحدة يوحي بأن "الرئيس المنتخب سيصفي تركة سلفه في السياسة الخارجية والعلاقات الدولية بحزم وبمبادئ مختلفة"، وأتوجه شخصيا بالشكر والتقدير الى جريدة (الشرق) القطرية الغراء، التي أنجزت أول لقاء صحفي متميز مع السفيرة السيدة (ليندا غرينفيلد) وهي التي تقلدت عدداً من المناصب الدبلوماسية الرفيعة بخبرة تصل الى 35 عاماً في العمل الدبلوماسي، أبرزها مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، كما شغلت أيضاً منصب سفيرة الولايات المتحدة في ليبيريا وباكستان، وكانت قد بدأت مسيرتها المهنية في قضايا الإسكان واللاجئين والهجرة، كما شغلت منصب الرئيس التنفيذي لمجلس الشؤون والخدمات الخارجية للولايات المتحدة. وبالطبع فإن شخصية السفيرة المختارة تعكس بوضوح ملامح الخيارات الأساسية للرئيس بايدن، في مجال حساس يتعلق برسالة أقوى قوة عسكرية واقتصادية واستراتيجية وثقافية في العالم، وهي منذ قرنين ونصف رسالة تتجاوز حدود أمريكا الجغرافية، لتكون راعية أولى للعلاقات الدولية، وصاحبة الكلمة الفصل في أزمات العالم ومواقع التوتر، ليس فقط لكونها إحدى الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وصاحبة حق الفيتو، بل للدور التقليدي للسياسة الأمريكية في القارات الخمس، بقطع النظر عمن يكون الرئيس ومن يكون الحزب الحاكم. أما اليوم مع تعيين السيدة (غرينفيلد) فالأمر مختلف عن التعيينات السابقة في نفس هذا المنصب، والأسباب عديدة، منها أن الرئيس ترامب جاء من خارج "المجرة" التقليدية التي تصنع القيادات صلب المنظومة المعروفة، فكان سلوكه غير تقليدي وحسب الصحفي الأمريكي توماس كريزلر (وكالة وورلد نيوز 19/12) فإنه لم يكن رئيسا عاديا، ولم تكن علاقاته الدولية مع القوى الكبرى والدول الأخرى والمنظمات الأممية عادية، أي إن الرئيس ترامب، حسب الصحفي، لم يخضع بحكم "جيناته السياسية والمزاجية والنفسية" لتقاليد الدبلوماسية المعروفة والمألوفة، بل أدخل فيها وعليها عاصفة غير متوقعة من الممارسات الاستثنائية والأعراف الطريفة والمبادرات الغريبة، وهو ما يجعل منصب السفيرة (غرينفيلد) أيضا غير عادي بل شديد الأهمية الاستراتيجية على رقعة الشؤون الخارجية، وعند سؤال (الشرق) عن أبرز الأشياء التي ترين بها الاختلاف بمنصب سفيرة الأمم المتحدة من واقع خبرتك في وزارة الخارجية والعمل الدبلوماسي؟ كان جواب السفيرة: "إن الخبرة أمر رئيسي بالفعل في اختياري وما أراه من النقاط التي يرتكز عليها ترشيحي لمنصب سفيرة الأمم المتحدة، هو تعزيز أهمية المهارة الدبلوماسية ونقلها لمفهوم العمومية التي تناقش به القضايا في الأمم المتحدة، وأن تدرك أهمية الدقة في مناقشة ما هو جزئي ومتخصص، ولكن لديك في الوقت ذاته الصورة العامة التي تحدد مسار رؤية السياسات التي تناقش تلك القضايا الصغيرة من خلالها، وتجاربي الدبلوماسية العديدة تعلمت منها الحاجة لأن أكون مرنة وأتفاعل مع أية قضية تطرأ، بما هو موجود من معطيات لها على الطاولة، وأن يكون الموقف الأمريكي مترابطا مع القيم والأسس الأمريكية التقليدية وما يرتبط بالمسؤولية العالمية والواجبات الوطنية في تحقيق ذلك PUBLICITÉ. وتؤكد السفيرة أن الملفات الإنسانية ستجد لديها أهمية بالغة حين تقول: عنصر القوة بالنسبة لي وما يحدد شخصيتي ومسيرتي المهنية أيضاً هو المشاركة الإيجابية في قضايا اللاجئين والقضايا الإنسانية، فالقضايا الإنسانية بالنسبة لي شكلت بصورة أو بأخرى جوهر عملي الدبلوماسي، فلم تكن مجرد مرحلة في مسيرتي المهنية، بل بدأت في العمل الإنساني وقضايا اللاجئين، وكلما تقدمت إلى مرحلة جديدة كانت أغلب المناصب التي شغلتها مرتبطة بتلك القضايا المبدئية، وهو ما خلق دائرة تقييم عامة أو سمعة مهنية مرتبطة بكوني شخصا يمتلك العاطفة، ويتفاعل مع الهم الإنساني، ومنحني هذا التمسك بالقيم الأخلاقية الفرصة لأن أعرف شخصيتي الحقيقية من خلال عملي، وأن أظهر ما أمتلكه بداخلي من عطف وطيبة لتنعكس في الصورة العامة للمناصب التي شغلتها من قبل. إن أمريكا يجب أن تكون حاضرة وفاعلة بصورة أكبر بكثير مما كانت عليه، وقد صرحت بضرورة إعادة هيكلة تشمل المؤسسات الدبلوماسية، ولكن الخطوة الأهم هي أن تتم ترجمة الاختيارات الجديدة في أن تكون أمريكا حاضرة وبقوة دبلوماسياً أمام المجتمع الدولي، وهذا ما لم يكن عليه الأمر خلال الفترة الماضية، ودائماً ما كنت غير منقطعة عن التواجد والمناقشة مع العديد من المسؤولين السابقين وصغار الموظفين والمنخرطين في العمل الدبلوماسي، فهناك بالفعل كوادر جيدة للغاية وشخصيات لديها رغبات وتطلعات عظيمة كانت مكبلة في ظل الإدارة السابقة، وهو ما جعلني أرسم صورة أكثر قرباً واتصالاً للنحو الذي ستكون عليه إدارتي في حال تأكيد ترشيحي، ويكون ذلك من خلال إعلاء أهمية التواصل مع كافة فريقي، وأن أقيم عملي من خلال قدرتي على تحقيق مفهوم الاحترافية الذي كان غائباً عن العمل الدبلوماسي مؤخراً. إن التنوع العرقي والثقافي جزء رئيسي أعلم أنه في صميم رؤية الرئيس المنتخب جو بايدن الذي كان نائباً للرئيس لثمانية أعوام، وعمل عن كثب مع الرئيس أوباما، وهو ما شكلته نسب التصويت الكبيرة للرئيس المنتخب بايدن، والعالم الآن ونحن ندخل عام 2021 والمشهد السياسي الأمريكي والعالمي وبوجود إدارة مثل إدارة «بايدن- هاريس» يعطينا ثقة في محورية التنوع، كجزء رئيسي من الإدارة السياسية، وكجزء من التفكير السياسي بشكل عام وبصفة شخصية كنت أحرص خلال عملي كمساعدة لوزير الخارجية للشؤون الأفريقية بأن يكون مكتبي لديه أكثر نسبة تنوع في أي من المكاتب والإدارات المختلفة في وزارة الخارجية الأمريكية. كاتب تونسي [email protected]