11 سبتمبر 2025

تسجيل

هل ستندلع الحرب العراقية - التركية ؟

28 ديسمبر 2015

ثمة تطورات ساخنة مثيرة للاهتمام في ملف العلاقات التركية-العراقية، والتي وصلت اليوم وتحت إدارة حكومة حيدر العبادي لأسوأ مراحلها بسبب سياسة الاستقطاب الإقليمي الحادة، وبعد التدخل العدواني الروسي الهمجي الفظ في الشأن السوري والذي صور للقيادة العراقية الراهنة أوهام وأحلام ورؤى وعناصر قوة لا توجد إلا في الخيال!، لقد كان وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري وهو يهدد من القاهرة بعد بيان جامعة الدول العربية بإدانة التدخل التركي في العراق كما زعموا مثيرا للدهشة والحيرة!! فهو يتجاوز ويقفز على حقائق ومسلمات عديدة أبرزها أن الأتراك لا يحتفظون بقوة احتلال في العراق، بل إن وجودهم مستند لاتفاقيات سابقة ولبروتوكولات تفاهم مع الدولة العراقية منذ ثمانينيات القرن الماضي!، وهي اتفاقيات دولية مؤطرة وإستراتيجية تتجاوز الأشخاص والأنظمة! والجعفري وحكومته التائهة يعرفون ذلك جيدا و تفصيليا، وفي جميع خطوات ومراحل العلاقات التركية العراقية منذ تأسيس العراق الحديث عام 1921 وقيام المملكة العراقية على أنقاض بقايا التركة العثمانية، فإن العلاقات ظلت ثابتة وراسخة ولم تتأثر بتبدل الأوضاع والأنظمة، وكانت هناك مشكلة قانونية حول تبعية ولاية الموصل حسمتها عصبة الأمم بضغط بريطاني عام 1925 لصالح المملكة العراقية الوليدة وقتذاك وانتهت المشكلة بشكل نهائي وحاسم، وفي ثمانينيات القرن الماضي وبسبب تداخل خطوط ومعارك الحرب العراقية -الإيرانية وصراع القوى و التيارات خصوصا في شمال العراق والصراع بين الجيش التركي وحزب العمال الكردي في تركيا أبرمت إتفاقيات بين حكومتي أنقرة وبغداد بشأن ترتيبات أمنية تتيح للجانب التركي التوغل لمسافات معينة في العمق العراقي درءا للهجمات الإرهابية المنطلقة من الأراضي العراقية! وجميع تلك الاتفاقيات واضحة ومعلومة ومنشورة للجميع بكل أبجدياتها وتفاصيلها!، ولكن حكومة العراق الحالية رغم عجزها وفشلها وهوانها وتفريطها بالسيادة العراقية فعليا وخسارتها لثلث العراق وتخبطها في أزماتها القاتلة تصر على افتعال معركة وهمية غير موجودة أصلا وتدعي بأن هنالك احتلالا عسكريا تركيا لمنطقة بعشيقة شمال الموصل المحتلة أصلا من تنظيم الدولة الإسلامية!! طبعا لا نرى داعيا للتوغل في تفصيل وتشريح وتحليل أسباب الموقف الحكومي العراقي لأن ذلك سيدخلنا في إشكاليات طويلة!! وكل ما أستطيع قوله إن الأسباب معروفة وواضحة ومتعلقة بطبيعة تركيبة الحكومة العراقية!. أما التصريحات المهددة بالحرب التي أطلقها وزير خارجية حيدر العبادي إبراهيم الجعفري ، فهي تصريحات تثير السخرية قولا وفعلا، وتعبر عن تيه حقيقي وفشل مريع في إدارة الماكنة الدبلوماسية لوزير لا يتذكر ما قاله بالأمس! ويعاني أصلا من انعدام المعرفة التاريخية والسياسية والجغرافية!! ففي تصريحات مسجلة وموثقة أدعى الجعفري في وقت سابق بأن نهري دجلة والفرات ينبعان من إيران مثلا!!! وهي فضيحة جغرافية لم يحاسبه عليها أحد!، كما ارتكب في سلسلة تصريحاته المستعجلة مجموعة من الأخطاء والخطايا والمثالب ما يجعل مصداقيته كوزير مسؤول عن إدارة ملف العلاقات الخارجية موضع شك كبير!.الجعفري حينما يتجاوز حقائق راسخة متعلقة ببديهيات السياسة الخارجية التركية والتي لم تسجل موقفا معاديا واحدا لمصالح العراق ووحدته الوطنية وسلامته الإقليمية فإنه يدخل في وهم كبير يجعله يهدد بمقاربات وحلول خيالية، فهو مثلا لم يستبعد الحرب مع تركيا رغم استحالة تنفيذ هذا الخيار ميدانيا في ظل الوضعية الرثة التي يعيشها الجيش العراقي الفاقد السيطرة فعليا على ثلث الأراضي العراقية والذي يعاني من استنزاف كبير ومن فقدان للقيادات العسكرية الحقيقية وليست من صنوف ضباط الدمج الوهميين أو الفضائيين برتبهم العسكرية العليا التي لا يستحقونها أصلا!!... مصيبة حقيقية أن يكون مهندس السياسة الخارجية كما هو مفترض جاهلا بأبجديات الوضع الميداني ثم يهدد بمواجهة مستحيلة مع الجناح الجنوبي لحلف الناتو وفي مواجهة واحد من أقوى جيوش العالم!!.. فهل التلويح باندلاع نيران حرب مع تركيا يساهم في صناعة السلم الإقليمي؟، وهل بخطابات التلويح والتهديد بالحروب الوهمية والخيالية تتجسد سياسة خارجية ناجحة!؟، ما يدور في العراق من سوء لإدارة ملفات الصراع يدخله في محنة حقيقية، العراق بحاجة لإستراتيجية سياسية عسكرية محورها سلم في الداخل، وسلم مع الخارج !، أما إثارة زوابع الحروب فهي تعبير عن إفراط في الفشل للأسف!اتقوا الله في شعب العراق....