14 سبتمبر 2025
تسجيلتدور بنا الحياة بين عُسر ويُسر، وشدة وتفريج، وصعب يتلوه سهل، وضيق يعقبه سَعة وسرور ورضا؛ فلا بد أن نحمد الله على كل حال. وهذا المعنى الحقيقي للصبر وقتَ العُسر من أجمل المعاني التي حملتها آيات الكتاب العزيز فيأتي الخطاب من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم يبشره باليُسر بعد العُسر في قوله -عز وجل-: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: 5- 6]. فيبشره بأنَّ كل شدة لا بد سيأتي من بعدها رخاءٌ، وما من عُسر في هذه الدنيا إلا وسيكتنفه يسرٌ؛ فليس لليأس مكان في نفس المؤمن الواثق بكل خير من ربه. وكرر الله تعالى اليُسر في هذه السورة مرَّتين وكذا العُسر؛ ليُبيِّن أن مع العسر يسرًا، وأن عقب الشدة رخاءً، والكرب يعقبه فرج، والتقتير يتلوه تيسير، وانه -عز وجل- يُبدِّل الضيقَ سَعةً، والفقرَ غِنًى، والشقاوةَ سعادةً، ويُخلِف الصعوبةَ سهولةً، وبقدر ما يشتد البلاء بالعبد فسيعقبه -بلا شك- الأجرُ والرخاء، وعلى قدر المشقة يكون الأجر والثواب، فليعلم كل مهموم متعسِّر أن الحال لا يدوم بحال وأن الأيام دُوَل وتتعاقب على أهلها. ومن جميل كلام السلف في هذا قالوا: "لن يغلب عُسرٌ يُسرَيْن". وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لو كان العُسر في جُحرٍ، لدخل عليه اليسر حتى يُخرِجَه". ويقول الشاعر: أيها البائسُ صَبْرًا *** إن بعدَ العُسرِ يُسْرًا فرسالتي إلى كل صاحب ضيق وَهَمٍّ وتعسير سواء في دراسته أو في عمله أو حياته الشخصية أو في أي أمر من أمور الدنيا: لا تحزن أيها المسلم، وتفاءلْ، واحمَدِ الله، ولا تسخط على أقداره، فلا تعلم من أين يأتيك الخير! انتظر الخير واليُسر من ربك-عز وجل- ولا تدع اليأس يتسلل إلى قلبك، وكُن حَسَن الظن بربِّك -عز وجل- وانتظر منه التيسير والفرج وكل خيرٍ ترجوه وتأمله. لا بد أن يعلم المسلم أن العسر والشدة ابتلاءٌ وقدرٌ من أقدار الله تعالى أصاب بها حتى أنبياءه ليمتحن صبرهم وجَلَدهم وحُسن ظنهم باليُسر والفرج من الله. فلا تجزع ولا تيأس يا من تعسَّرتَ في دراستك ولم تُوفَّق في تحقيق حلمك، أكمل مشوارك، وجاهد واسعَ لتحقيقِ هدفك بالصبر على كل تعسُّر وإخفاق. وأُبشرك بقول الله تعالى: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ﴾[الضحى: 5]. لا تحزن يا صاحب الوظيفة الشاقة قليلة الأجر، لا تجزع إن تعسَّرتَ في تحقيق كل ما تتمناه في عملك، تفاءل بالتيسير والخير والوفير الذي ينسيك مرارة العسر والضيق. ولاحزن ياصاحب الأمور المتعثرة والمتبعثرة في بيتك وأسرتك وفي محيطك الاجتماعي. فلننظر إلى الأمور بعين الرضا والتفاؤل وإن بدت في ظاهرها عسيرة فهي تحمل في طياتها اليسر، ولكن الصبر مفتاح الفرج كما يقولون. والبشرى باليُسر بعد العُسر وعدٌ من الله الذي لا يُخلِف وعدَه فاليُسر لا بد سيأتي ويُغيِّر حالنا إلى أفضل حال. فكم تقلَّب المسلمون الأوائل في ألوانٍ من العُسر والهَمِّ؟! ثم تيسرت لهم الأحوال وأتاهم النصر من كل مكان بفضل الله ثم بفضل إيمانهم العميق بموعود الله لهم أن اليسر يأتي ولو بعد حين. اللهم ارزقنا الصبرَ على كل عسير، واكتب لنا الخير الوفير، واجعل لكل مسلم متعسِّر مهمومٍ أوفرَ الحظ والنصيب من اليسر والفرج يا رب العالمين... اللهم آمين. [email protected]