12 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من أعظم الأسس التي وضعها الإسلام لتنظيم الحياة السياسية في المجتمع مبدأ الشورى .والذي يقوم على تبادل الآراء من قبل أهل الحل والعقد للوصول إلى القرار المناسب، وغالبا ما يؤخذ فيه برأي الأغلبية.والشورى مبدأ عظيم أمر الله تعالى به رسوله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال له "وشاورهم في الأمر" .وهو "نص جازم" كما يقول سيد قطب "يقرر فيه الإسلام هذا المبدأ في نظام الحكم ومحمد -صلى الله عليه وسلم- هو الحاكم"، فكيف بمن هم دون الرسل في المنزلة والمكانة.لقد ضرب القرآن الكريم مثالَيْن لأنظمة الحكم، أحدهما يقوم على الديكتاتورية والاستبداد، والآخر يقوم على المشورة وأخذ الآراء .فأما نموذج الاستبداد فقد كان مثاله "فرعون" الذي قال لقومه "ما أُريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد".ومثال الشورى ضربه الله تعالى بملكة سبأ "بلقيس" والتي استشارت قومها في الرد على الرسالة التي وصلتها من سيدنا سليمان عليه السلام، حيث قالت لهم "يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمراً حتى تشهدون".ثم بين الله تعالى عاقبة كل من الاستبداد والشورى في المثالين السابقين، فنهاية فرعون المستبد كانت بالهلاك غرقا مع أولئك الذين استخفّهم فأطاعوه .وأما صاحبة المشورة فلقد كانت النتيجة قولها "رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين".فكتبت النجاة لها ولقومها، وهذه من بركة الشورى وعدم التفرد بالرأي.دول عالمنا العربي والإسلامي تتفاوت في درجة أخذها بالشورى، من مُقِلٍّ أو مستكثر، وهناك من لا يعترف بهذا المبدأ أصلاً، ولذلك يتخذ المنهج الفرعوني .والنتيجة الحتمية معلومة لكل نظام - ديكتاتوري أو ديمقراطي - فمن سلك النهج الفرعوني فالمصير معلوم، والنهاية المخزية حتمية، لأنها سنن الله التي لا تتغير أو تتبدل.ومن سعى للمنهج الديمقراطي الشوري، فقد كتب الاستقرار والأمان لوطنه لآجال طويلة قادمة.لقد وضع الإسلام مبدأ الشورى، وترك طريقة التطبيق مرنة حتى تتناسب مع كل زمان ومكان.وفي العصور المتأخرة قلّ استخدام كلمة "الشورى" واستُبْدِل بكلمة الديمقراطية، والتي تعني حكم الشعب للشعب.ونحن كمسلمين نؤمن بأن الحكم لله تعالى، ولا يجوز شرعا للشعب أن يبيح ما حرم الله، أو يحرّم ما أحل الله.لكن لو جئنا لنُخيّر الشعوب العربية والإسلامية بين الديمقراطية الحالية على علّاتها وبين الحكم الديكتاتوري، فبلا شك أن النتيجة ستكون محسومة للحكم الديمقراطي.الشعوب العربية والإسلامية تنظر إلى الشعوب الغربية والمساحة الكبيرة التي أُعطيت لهم في المشاركة الشعبية في العديد من الأمور، والتي تصل في أعلى مقاماتها إلى اختيار الرئيس.ثم تطمح إلى أن تمنح مثل هذه الفرص للمشاركة، ليكون لها دور في اتخاذ القرار، وساعتها ستتحمل - هذه الشعوب - مع المسؤول المغنم أو المغرم.فهل تُبادر الكثير من الدول العربية والإسلامية إلى إتاحة الفرصة للمزيد من المشاركة الشعبية، أم تنتظر المصير الفرعوني ؟يقول علي بن أبي طالب: "نعم المؤازرة المشاورة، وبئس الاستعداد الاستبداد".