12 سبتمبر 2025

تسجيل

"قطر والشرق" وداع على أمل العودة

28 أكتوبر 2020

في 7 أكتوبر 2000، كان الموعد مع رحلتي الأولى إلى دوحة الخير، للعمل في جريدة الشرق الغراء رفقة زميل رحلة الكفاح الصحفي حسين عطا، ومنذ ذلك التاريخ وأنا أتشرف بالعمل في الشرق في مقرها الرئيسي، ولكنني عملت أيضا لمدة 9 سنوات في مكتبها بالقاهرة وتحديدا في شارع مراد بالجيزة قبل قدومي إلى قطر، وهذه السنوات ساعدتني كثيرا في فهم الكثير من الأمور عن الرياضة القطرية، ولهذا كنت أشبه باللاعب الجاهز عند التحاقي بالعمل في اليوم التالي لوصولي إلى قطر، حيث نزلت الميدان سريعا ووفقت ولله الحمد كما يقولون بلهجة أهل الكرة في تسجيل الهدف من أول لمسة!. ولم يخلد في بالي على الإطلاق مع بداية هذه الرحلة أنني سأستمر في قطر لمدة 20 عاما، حيث كان والدي - رحمه الله - يقول لي (سافر قطر سنة وارجع تاني عشان تتزوج وتكمل حياتك وسطنا في مصر)، ولكن يوما بعد الآخر، وشهرا بعد الآخر وجدت الشيء الذي أبحث عنه لأعيش بالصورة التي أتمناها من حيث الراحة النفسية، وأيضا الجانب المادي (حتى أكون صادقا وأمينا في كلامي)، مما ساعدني على الإبداع في العمل، ووفقني الله في أن (أبيض وجه) من رشحوني للعمل هنا في الدوحة. وتعاملت خلال مسيرتي في الشرق مع عشرات الجهات الرسمية لاسيما الرياضية منها، ومع المئات من الأشخاص سواء كانوا مسؤولين أو رياضيين وغيرهم، ولم أجد منهم إلا كل الخير والمودة والتواضع الكبير، لاسيما على مستوى رؤساء الاتحادات والأندية والجهات الرياضية الأخرى، وأكاد أجزم بأنني كنت سعيدا بأن أشارك بعض هذه الجهات الكثير من اللحظات سواء الفرح عند الانتصار، أو الحزن عند الخسارة، لأنني كنت أتعامل على أنني واحد من المجموعة، وصراحة كان هذا الأمر متبادلا، وكنت بالفعل أكثر من مجرد صحفي مع الكثير من الجهات التي أتعامل معها، ولن تسعفني المساحة لذكر أسماء هذه الجهات، ولا الأشخاص الذين أدين لهم بالكثير ويربطني بهم جميعا علاقات عنوانها الرئيسي (المودة والاحترام)، بل والتأكيد على أنني تعلمت من أغلب هؤلاء أشياء ساهمت في بناء وتكوين شخصيتي إلى الأفضل بفضل الله. والشيء المؤكد أيضا أنني لن أنسى كل هؤلاء بعد مغادرة الدوحة خلال أيام قليلة عائدا إلى أم الدنيا وإلى عملي في دار الجمهورية للصحافة، وستظل أغلب ذكرياتي الجميلة في هذه السنوات التي عشتها هنا ساكنة ومترسخة في ذاكرتي ووجداني لأنني كنت وما زلت أشعر بأنني منسجم تماما مع نسيج المجتمع القطري الواعي والمرحب دائما بالوافدين للعمل هنا، ولم لا والدوحة تفتح ذراعيها لكل من يأتي إليها للعمل، وكسب لقمة العيش وفق القوانين المعمول بها، وفي إطار قائم على ضمان الحقوق والواجبات؟، ولهذا فإن كل من يعيش صادقا وأمينا في قطر لن يجد سوى كل الخير والترحاب من الجميع. وبكل طيب خاطر أغادر قطر (وطني الثاني) عائدا إلى مصر (وطني الأم)، وأنا أحمل كل الرضا والشكر والثناء لكل من تعاملت معهم، كبيرهم وصغيرهم، مديرين وموظفين سواء داخل أو خارج جريدة الشرق التي أعتبرها بمثابة مكان عملي الأساسي والأكثر في مدة العمل بحكم أنني أنتمي إليها منذ 29 عاما (منذ أن كان عمري 22 عاما وفقط وكنت أدرس في الجامعة وأعمل بمكتب القاهرة، البداية كانت من خلال جريدة - شباب اليوم - الأسبوعية التي كانت تصدرها دار الشرق بشكل أسبوعي قبل الانتقال بشكل رسمي إلى جريدة الشرق). والآن، حان موعد الوداع بعد تقديمي استقالتي لظروف عودتي إلى جهة عملي في دار الجمهورية، وهي لحظة لابد منها، وكانت ستحدث اليوم أو غدا، فإنني أغادر وفي قلبي رغبة بأن تكون لي عودة قريبة إلى دوحة الخير والعطاء مرة أخرى، ليس لأجل العمل، لأن العلاقة من جانبي الآن تخطت مرحلة العمل، وأصبحت تمثل أكبر من ذلك بكثير، نظرا للرابط الوجداني بدولة قطر بكل معالمها وأهلها وبمجالسها العامرة بكل الدفء والمحبة، وربما يكون اللقاء في مناسبات قادمة مناسبا لاستعادة الذكريات، وفرصة لرؤية من هم لهم قيمة وتقدير كبير عندي، بل وكانوا دوما سببا في عدم شعوري بـ (الغربة) على مدار 20 عاما متواصلة، وهذا الشيء ربما السبب في البقاء في قطر طوال السنوات السابقة، وكنت أعتبر نفسي بين أهلي وناسي وليس في الغربة، وبالفعل فإن فترة عملي في قطر أعتبرها رحلة العمر بالنسبة لي رغم كثرة سفرياتي خارج الدوحة، بسبب العمل بطبيعة الحال، ولكن في الدوحة كل شيء مختلف، مع كل سفرة كان الانتظار للحظة العودة إلى هنا، وحاليا فإن الشوق سيكون أكبر للعودة مجددا، على أمل أن يكون ذلك في أقرب فرصة إن كان في العمر بقية. مساعد سكرتير تحرير الشرق mahergharib@