15 سبتمبر 2025

تسجيل

سَقَطْتَ فلا تحزن ..

28 سبتمبر 2013

* كان الشاعر جميل صدقي الزهاوي.. في عهد الملكية في العراق عضواً بمجلس الأعيان "الشيوخ" من عام (1925-1929م) ولما انتهت عضويته في المجلس، وقد سقط بالقرعة ولم تجدد عضويته فقال يخاطب نفسه وقد ضَمَّن البيت الثاني شطراً من بيت في معلقة امرئ القيس: سقطت فلا تحزن على ما فقدته فما أنت بين الساقطين بأوّل فكم من وزيرٍ كان قبلك قد هوى (كجلمودٍ صخرٍ حطَّهُ السّيل من عَلِ)   * كما أن الزهاوي علق على نظرية داروين التي يقول فيها إن الإنسان أصله قرد قائلاً: رجعت إلى الماضي البعيد بفكرتي وقلت لقرد الغاب: يالك من قرد تقلبت في الأصلاب دهراً وبعده نسلت ابنك الإنسان نادرة الولد وقال أيضا يخاطب الإنسان: هل أنت إلاّ واحد من القرود في النسب؟ ألم تكن وأنت في طور الجنين ذا ذنب مشابهاً جنين حيوان لو اسطاع وئب؟   * وقال أيضاً مخاطباً القرود: يا قرود الغاب، نقريك السلام، جدّنا كان لكم نعم الرفيق أخرج الصوت شبيهاً بالكلام، ترك الأدغال وارتاد الطريق.. زرع القمح وأنواع النبات، شيّد الدور وقد أحيي الفلاة، وتعالى سيّد الأرض المطاع. ومضى يوماً إلى الغاب البعيد فأتى بالقرود في طوق الحديد هزأةٌ يسلو به هم الصراع...   * وذات يوم حضر أحد الكذابين المجلس الذي يجلس فيه الزهاوي وقد ادعى هذا الكذاب أنه يعلم أسرار البحار فقال فيه الزهاوي متهكماً: ومدّعٍ بحياة البحر معرفةً ما حازها أحد في الأعصر الأولِ فقلتُ: صف لي كيف الحوت ممتحناً فقال لي: الحوت ذو قرنين كالجمل شاعر الأسى والألم.. * علي الشرقي شاعر الأسى والألم، حيث فقد أباه طفلاً وذاق مرارة، اليتم والحاجة، فلما بلغ مبلغ الرجال أراد الزواج، ففاجأه الموت بموت عروسه ليلة الزفاف فقال في ذلك: شمعة العرس، ما أجدت التأسّي أنت مشبوبة ويُطفأ عرسي أنت مثلي مشعولة القلب، لكن من سناك المشؤوم ظلمة نفسي يا رعى الله للزفاف شموعاً يتهافتن حول نعش ورمس عاكست حظّها الليالي فذابت خجلاً ترسل الدموع بهمس هكذا ذاب باحتراق فؤادي، هكذا سورة الدموع برأسي جلوة أم مناحة لنجوم يتناثرون بين سعد ونحس كان حدسي تذكو الأماني شموعاً واللّيالي خيبّن ظنّي وحدسي   * لا عجب بعد ذلك أن نرى الشاعر علي الشرقي يخاطب البلبل في القفص ويناجيه قائلاً: أيّها البلبل المعلّق في السجن سلام، وهكذا لي روح إن تكن ذكرياتك الورد والأطيار تشدو فذكرياتي جروح كلَّ يوم يلوح فجر لعينيك فهلاّ يوماً لعيني يلوح؟   * يلتقي وبلبله الحبيب في قفص السجن، كما يقول: التقى الشاعران في قفص السّجن فلم يعبآ بحبس وضيق يرسلان الألحان للملأ الخابط تيهآ في عالم مصعوق فكأنّ الأسير غير أسير وكأن الطليق غير طليق وسلامتكم...