30 أكتوبر 2025

تسجيل

داعش والتراجع المتوقع

28 أغسطس 2016

لا شك أن كل التوقعات والتحليلات، تؤكد أن قوات داعش، سوف تتراجع عن احتفاظها بالأراضي التي سيطرت عليها منذ الأعوام الماضية، في سوريا والعراق وليبيا، لأن الإستراتيجية العسكرية لهذا التنظيم قد لا تستطيع السيطرة على هذه المدن، لكونها محدودة التكتيكات العسكرية والتنظيمية لكونها بيت قوات نظامية مؤهلة، إلى جانب أنها لا تملك السلاح الجوي الذي له قدرة السيطرة والتأثير في كل المعارك، صحيح أن حرب العصابات لديها قدرات على التحرك والاختفاء واتخاذ مواجهة الكر والفر، لكن تظل قدرة السيطرة على المدن والمواقع المهمة مرحلية. ليست دائمة، ولن تكون ثابتة على المدى الطويل، بسبب تفوق الجانب الآخر العسكري والإستراتيجي، وهي قوة التحالف التي تشترك فيها دول كبيرة عربية وغربية، وهذا ما سيكون متوقعًا، وأهم الأسباب التي جعلت تنظيم داعش يتراجع عن قبضته العسكرية في العراق وفي ليبيا في الأشهر والأسابيع الماضية، المشاركة العسكرية القوية لقوات التحالف من الدول الغربية لمقاتلة داعش، خاصة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وبعض الدول الأخرى، إلى جانب التدخل الروسي الثابت والواقف إلى جانب النظام السوري، الذي يعتبر كل المعارضة السورية، جماعات إرهابية متطرفة! والسبب الأساسي للتدخل القوي لقوات التحالف الغربية ضد داعش، هو الهجمات العنيفة التي شنها تنظيم داعش في الأشهر الأخيرة في فرنسا وبلجيكا وتركيا، وهذا ما جعل بعض هذه الدول تستنفر وتتحرك لمواجهة هذا التنظيم باهتمام كبير، عما كان عليه في السنوات الماضية، وبخطط جديدة ومركزة لضرب التنظيم بتكتيكات مختلفة، مع استخدام السلاح الجوي في ضرب مواقع تجمع قواتهم وتجمعاتهم في المدن التي تم السيطرة عليها، لأن التنظيم، أصبح خطرًا حقيقيًا على دولهم بعد الهجمات الإرهابية التي قتلت الكثير من الأبرياء في فرنسا وبلجيكا وتركيا خطرها ولا يزال خطرها قائما، والحقيقة أن التحالف الدولي في العالمين الماضيين، لم يقم بالمشاركة العسكرية الجدية ضد داعش، ولا تعرف الأسباب الحقيقية لذلك، مع أن تصريحاتهم تقول إنهم سيشاركون بقوة في قتالهم، لكن الأسباب الرئيسية لهذا التحرك الجديد اللافت، بروز الهجمات الانتحارية لجماعة داعش في بعض الدول الغربية، خاصة فرنسا، أوجدت رؤية أخرى للمواجهة، كما أن بعض السياسيين والخبراء لمراكز البحث في الغرب، حذرت من سيطرة داعش، واستمرار القتال في ليبيا وسوريا خصوصًا، دون تحقيق السلام الثابت، سوف يجعل الهجرة إلى أوروبا مشكلة كبيرة للمجتمعات الغربية، والأزمات سوف تنتقل لهم، بصورة، أو بأخرى! ولاشك أن قوات داعش حققت اختراقات كبيرة في العراق، والأسباب الكبيرة، أن الدولة العراقية، بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين، لم تعالج أزمة الجيش العراقي الذي تم حله المعالجة العقلانية اللازمة، وانضمام الكثير من العسكريين العراقيين إلى تنظيم داعش، بعد صدور قانون (اجتثاث البعض) وتسريح مئات آلاف من الضباط والجنود من الجيش العراقي! وهذا ما جعل تنظيم الدولة في العراق، يحقق الكثير من النجاحات الكبيرة بسبب خبرات بعض هؤلاء العسكريين، بعد سيطرته على مدن عراقية كبيرة ومهمة، كالموصل والرمادي وغيرها من المدن العراقية، وسبب تراجعًا لافتًا للقوات العراقية الرسمية، والحشد الشعبي في العام المنصرم، كما أن تنظيم داعش استفاد من خلافات السياسيين في ليبيا، وحقق الكثير من مواقع السيطرة، ومنها مدينة سرت التي تعد من المدن الليبية التي يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي في مايو 2015، بعد انسحاب قوات فجر ليبيا من المدينة، وترجع أهمية مدينة سرت بكون أهمية موقعها الإستراتيجي شرق ليبيا، كما تعد البوابة المهمة لمناطق النفط وتم السيطرة على بعضها، ولذلك سعت قوات داعش، لأن تكون هذه المدينة ظهيرا اقتصاديا له. التي تعتبر من المواقع التي لاقت اهتماما من نظام القذافي، باعتبارها مسقط رأسه، إلى جانب الأهمية الاقتصادية. كما أن قوات داعش سعت للسيطرة على مواقع النفط في العراق وسوريا بهدف تمويل هذه القوات، لشراء السلام عن طريق السماسرة من دول كثيرة. ولكن هل استطاع تنظيم الدولة الاستقرار بعد نجاحاته الكثيرة في العامين الماضيين؟ في الواقع أن التنظيم بدأ يتراجع عسكريًا في سوريا والعراق وليبيا، وهذا التراجع، كما يقوله بعض الخبراء سوف يزداد في الأشهر القليلة القادمة، بسبب التكثيف العسكري للتحالف والقوات المتحالفة معها في العديد من الهجمات لقوات التنظيم، وبدأ التنظيم يتكبد خسائر متتالية في هذه الدول الثلاث، وتقول بعض التقارير الإخبارية، إلى أن التنظيم فقد حتى الآن، ما يزيد على نصف المساحة التي كانت تحت نفوذه، منذ إعلان ما سمّي بالخلافة الإسلامية، التي أعلن عنها زعيم تنظيمهم أبوبكر البغدادي في يونيو من عام 2014، وإن رفع الناطق باسم البنتاجون الأمريكي مؤخرًا هذه النسبة إلى 60 بالمائة، حيث أشار إلى أن التنظيم فقد 40 بالمائة من أراضيه في العراق و20 بالمائة في سوريا، ولم تؤكد مصادر أخرى هذا التقرير.. وهذا ما جعل التنظيم يحاول فتح جبهات جديدة، حتى يستطيع التخفيف من الهجمات المكثفة عليه في المواقع الإستراتيجية التي سيطر عليه، في السنوات الماضية، كما أسهم في تراجع التنظيم في الأشهر الماضية، قطع خطوط الإمداد، التي سيطر عليها، إلى جانب إضعاف قدراته العسكرية، بسبب الضربات المكثفة، وانعكس ذلك على تحركاته بين سوريا والعراق، وداخل بعض المدن التي سبق وسيطر عليها، ولذلك يعتقد بعض المحللين أن تكثيف التنظيم للعمليات الانتحارية، في الفترة الحالية، يرجع إلى الإخفاقات العسكرية، وهذا جعله يستخدم هذه الهجمات كتعويض عن الخسائر الأخرى، لكن تراجعات قوات داعش، وفقدها الكثير من المواقع العسكرية، كان متوقعًا، إلا إذا غيّر التنظيم خططه، واتجه إلى حرب العصابات التي ربما تجعل تأثيره العسكري ضئيلًا في الفترة المقبلة.