02 نوفمبر 2025

تسجيل

العدل المفقود

28 أغسطس 2016

كثيرة هي الرسائل التي تصلني عبر البريد الإلكتروني يشتكي أصحابها من جور وظلم وقع عليهم في مصالح حكومية أو مدارس أو حتى في قضايا أسرية وعائلية كالذي أخذ ميراث أخته أو الذي يستحوذ على راتب زوجته، لا ترى منه شيئاً، ورغم علمهم أننى لا أملك لهم من أمرهم شيئا سوى النصح والاستماع اليهم إذا قدرت على ذلك، ولكن من أشد الرسائل أثراً على نفسي هي رسالة من فتاة في عمر الزهور أنهت الثانوية العامة بتفوق وحلمت بالالتحاق باحدى الجامعات المرموقة خارج دولة قطر، وبالأخص في دول الخليج العربي، ورغم أن أسرتها ميسورة الحال إلا أن الفتاة لم تستطع السفر أو السماح لها بدخول لهذه الدولة الخليجية، لكونها الجيل الثالث من حملة الوثائق القطرية أي المتعارف عليه في دول الخليج (مادة رقم 16) والتي أصبح من العسير سفرهم إلى بلدان مجاورة للزيارة فما بالك بالدراسة والتي تتطلب إقامة لمدة أربع سنوات، وايضا إذا استنثنوا وحصلوا على تأشيرة زيارة سياحة أقصاها شهر واحد فقط تحجز وثائقهم في مطار الدولة الخليجية إلى وقت رجوعهم من حيث أتوا. والحق أقول إن هذه الفئة هم أبناء هذا الوطن ولدوا وترعرعوا على ثراه الطيب ولا يعرفون لهم وطنا غيره وإن أجدادهم جاءوا هنا ولم يقننوا أوضاعهم في وقت كان ذلك فيه سهلا فإنهم لا ذنب لهم سوى أنهم من مواليد هذه الأرض الطيبة، أحبوا تلك البلاد التي تسكنهم وتسري في دمائهم، وأقول وأضم صوتي الى أنينهم وبكائهم: إننا في دولة عدل ومساواة وأميرنا المفدى أطال الله في عمره، أمير عدل ومساواة وكل أملي أن ينظر الى تلك الفئة بعين الرحمة والشفقة على مصيرهم ومستقبلهم، لأن مستقبلهم مبهم وغير واضح. ولا شك أن العدل كقيمة أعزها وأكدها الإسلام منذ بشر به رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن المقسطين عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا) رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الإمام جُنة يقاتل من ورائه ويتقي به، فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل، كان له بذلك أجر، وأن يأمر بغيره كان عليه منه) رواه مسلم. عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضياً، فقلت: يا رسول الله، ترسلني وأنا حديث السن، ولا علم لي بالقضاء؟ فقال: إن الله سيهدي قلبك، ويثبت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان، فلا تقضين حتى تسمع من الآخر، كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء، قال: فما زلت قاضياً أو شككت في قضاء بعد)) أخرجه أبو داود. أخيراً الى كل من يظلم أحداً أو يجور عليه حتى لو كانت له سلطة عليه، كأن يكون رب أسرة أو صاحب عمل أو ولى أمر، أذكره بقول الإمام ابن تيمية عليه رحمة الله: "إن الناس لم يتنازعوا فإن عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة، ولهذا يروى: الله ينصر الدولة العادلة، وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة" ألا قد بلغت اللهم فاشهد وسلامتكم.